نحن لسنا ورقة بيد أحد!

بهذه الجملة الساخطة، يعبّر أحد السوريين اللاجئين في مخيم الزعتري عن سخطه وألمه صارخاً بوجه العالم كلّه وخاصة وسائل الإعلام التي صنعت من مشكلته ومأساته مادة إعلامية، متجاهلة مأساته الإنسانية، فآخر ما يعني التلفزيونات والصحف والتقارير الإعلامية الهم الإنساني والوجع الذي لن يقوى بعد على أن يتحمله بطل قصصهم وموادهم. يصرخ (نحن لسنا ورقة بيد أحد) متألماً مواجهاً كل أولئك الذين كانوا يتوافدون على مخيمه خارج وطنه وداخلها، ليتجولوا متحننين عليه ببضع تعليمات وأوراق وابتسامات أو بقليل من الدموع ، صرخ بوجه هذا العالم كله: نحن أهل الزيتون والخيرات، كم هي ثقيلة علي مشاهدة أطفالنا في المخيمات في الهواء الملوث والغبار في البرد والجوع معرضين للمرض والاستغلال، هذا هو ما وصلنا إليه، هذا ما تريده تلك المنظمات لا أن تقدم ما نحتاجه بل أن تشحد على أسمائنا على وضعنا على مأساتنا متجاهلين أننا بشر، أن لنا كرامة وحقوقاً ولسنا أدوات لجذب المال والإعانات.. صرخة هذا اللاجئ ما هي إلا صرخة وصوت كل اللاجئين السوريين الذين استخدمت لجان الإغاثة والدول- من بينها دولتهم – مشاكلهم ومعاناتهم كورقة فقط، كل يستخدمها بحسب سياسته وبحسب ما يريد. ويبدو هؤلاء متجاهلين حقوق الإنسان والشرعة الدولية التي تحتم حماية اللاجئ وتقديم العون له وإعطائه الحقوق كافة التي يحتاجها الإنسان ، أيضاً متجاهلين الاتفاقيات الدولية التي تضمن حماية المرأة من العنف والتمييز، وتضمن حماية الأطفال والنساء والمعوقين في النزاعات وكل ما يترتب عليها من التزامات على الدول والمنظمات الحكومية وغير الحكومية.

متى سيتوقف هذا النزيف الإنساني، هذا التشرد للسوريين في وطنهم وخارجه، وهم يبحثون عن لقمة العيش ، يبحثون عن ملجأ آمن، عن وسيلة تضمن لهم حياة دون عنف ودون استغلال، ها هم أولاء الأطفال يتسولون في الشوارع، لا أحد يستطيع أن ينكر المشاهد المؤلمة لتزايد عدد المتسولين في داخل الوطن، وعدد الذين تحاول بعض المنظمات أن تصنع منهم متسولين خارج الوطن، دون أن يصل إليهم أية معونة أو مساعدة بل فقط على الورق، ولعلّ تحقيقاً جديّاً سيكشف المزيد من الانتهاكات التي طالت وتطول وستطول السوريين، الوعود الكاذبة والحلول الوهمية كلها على حساب المواطن الذي يبحث عن لقمة عيشه والعيش بكرامته فقط.

هل سيطول انتظار السوري على أبواب المتطفلين والمتعربشين على جلده وروحه؟ هل سيطول صبر ذلك السوري على ما يعيشه من ظلم وقهر؟ هذا رهن الأيام القادمة، لكن المحاسبة لابد أنها ستطول الجميع!

العدد 1105 - 01/5/2024