مواءمة سوق العمل وتنمية الموارد البشرية

كثيرة هي الأوقات التي يقف فيها الشباب حائراً وثائراً على كل ما يحيط فيه رغبة منه في السعي لترك بصمة كبيرة في محيطه نظراً لما يتمتع به الشباب-ات من طاقات كبيرة وطموح، يسعون دائماً إلى تحقيقه بحماسة وعنفوان يعشق الاستقلالية ويسعى للحرية، ولهذا هم يعدون أمل المجتمعات ومستقبل الأوطان، وأساس تنمية أي بلد وسبيل الارتقاء به في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فالرأسمال المادي والموارد الطبيعية رغم أهميتهما وضرورتهما، إلا أنهما بدون العنصر البشري الكفء والمدرب والمعد إعداداً جيداً لن يكون لها قيمة وأهمية، الأمر الذي يتطلب الاهتمام بالثروة البشرية الهائلة من الشباب-ات من خلال تنمية شخصيتهم تنمية متكاملة تُعنى بكل الجوانب الفكرية والثقافية والصحية والمهارية وغيرها لتلبي متطلبات سوق العمل من خلال ربط التعليم بالتدريب وربط سوق العمل بالتعلّم والتدريب المستمر ما يساهم في الإسراع بعملية التنمية الاقتصادية الشاملة، حيث أصبح التدريب لا يقل أهمية عن التعليم بل قد يزيد، لأنه هو الذي ينقل الدارس إلى أرض الواقع ويؤهله للعمل الذي يقوم به، لذا لا بدّ من تصميم استراتجيات ترتقي بالمهارات وتبني الكفاءات وتضمن استدامتها بحيث تلبي حاجات سوق العمل، إذ يعد تطوير المهارات عنصراً جوهرياً لتحسين الإنتاجية التي هي أيضاً مصدر أساسي للارتقاء بمعايير العيش وتحفيز النمو.

فثروة المجتمع الحقيقية تكمن أساساً في قدرات مواطنيه، الأمر الذي يدفع المجتمع لأن يولي مسألة تنمية الموارد البشرية في مقدمة أوّلياته أثناء وضع الاستراتيجيات والخطط، لأنهم القاعدة المتينة التي تشيد عليها صروح الاقتصاد، مع التركيز على الدور الاستراتيجي للتعليم وسياسات التدريب في إطلاق شرارة الإبداع وتنمية المؤسسات وإيجاد البيئة التنافسية فيها باستمرار، فجميع الدول التي حققت النجاحات لم يتحقق لها ذلك إلا عندما اهتمت بالتعليم أولاً، وسعت لإصلاحه وتطويره باستمرار. وبالأخص عندما وجدوا أن النظام التعليمي هو المسؤول عن مشكلة البطالة بأبعادها وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد الوطني، لذا لابد من نظام تعليمي يعمل على إعداد مخرجات نوعية تتناغم مع متطلبات الاقتصاد القائم اليوم، وأن يعمل بشكل متوازٍ مع استراتيجية واضحة لاستيعاب العاملة الموجودة وتلك التي  تدخل سوق العمل كل عام من خلال وظائف حقيقة لكي لا تزداد البطالة المقنعة غير المؤهلة التي تعانيها المؤسسات دون أن نترك جانباً تنمية كوادرنا وتطويرها باستمرار ما يتيح المجال أمام شبابنا الواعد للطموح والتقدم بطريقة بناءة تعتمد على الكفاءة وتنسجم مع طموحنا لسورية الغد.

العدد 1105 - 01/5/2024