القفقاس… إلى أين؟!

فيما يخص الوضع السياسي في إقليم القفقاس الاستراتيجي بالنسبة لروسية الاتحادية، يريد الجميع حتى سكانه بالكامل أن يكون الوضع هادئاً، لا سيما أنه يلعب دوراً مميزاً في شمال القفقاس، إذ بلغت نسبة مشاركة قاطني هذا الإقليم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة 70% من عدد المسجلين الذين يحق لهم الاقتراع، وتعدّ هذه النسبة عالية جداً، وخصوصاً أن الغالبية الساحقة منهم أيدت البرامج السياسية لحزب روسيا الموحدة، التي شددت على السلام والأمن والأمان في جبهة رياح القفقاس.

وفيما يخص مشكلة الإرهاب فهي علة تكمن في هذا الإقليم، وهي المهمة الأولى للحكومة المركزية من أجل مكافحتها والقضاء عليها بالتعاون مع السلطات المحلية.. إذ  انتشرت في نهاية عام 2012 مجموعات إرهابية في جمهورية أنغوشيا وكذلك في جمهورية داغستان.. وجرت هناك مجموعة  من العمليات الإرهابية استهدفت بالأساس رجال الأمن وبعض السياسيين ورجال الدين في هذه المناطق.. فحسب المصادر الرسمية فإن هذه العصابات تضم في معظمها شباباً، يصل بعضها إلى الألف عنصر من العصابات المسلحة، الذين يعتقدون بأنهم يستطيعون تغيير الأوضاع كيفما يريدون.

وهنا نود التأكيد، حسب تصريحات المسؤولين، أن جمهورية القفقاس قد أخذت على عاتقها معالجة هذه الأوضاع، إذ إن قادة جمهورية أنغوشيا بدؤوا بالحوار والمناقشة فعلاً مع أهالي الفارين والمطلوبين إلى السلطات المحلية والمركزية، إذ يقطن أغلبية الإرهابيين في الغابات الممتدة لهذه المناطق بالدرجة الأولى، بينما يشكو قادة الأقاليم من نقص في عدد العاملين بالتربية والعلوم من السكان الأصليين لهذه الأقاليم، وهذا يساعد أيضاً على انتشار الإرهاب والتطرف حسب رأيهم.

من جهة أخرى دعا رمضان قديروف، رئيس الشيشان، جميع أبناء شعبه والأجهزة الأمنية إلى تكثيف جهودها في محاربة الحركات الوهابية والحركات الإرهابية الأخرى التي تدعمها دول الخليج، لاسيما السعودية وقطر وبموافقة أجهزة وشخصيات من دول غربية.

هنا نلاحظ أن مموّل ما يجري في شمال القفقاس وسورية من إرهاب وانتشار للعصابات الإجرامية التي ترفع شعار الدين، والدين منهم براء، لأنها مجموعات قتل وسفك لدم الأبرياء، واحد، والداعم واحد من دول ومشايخ النفط في الخليج وأسيادهم في الغرب الاستعماري.

لن يستطيع الإرهاب الاستمرار، ولن يكتب له النجاح، إذ هم يريدون أن يدفعوا روسيا لتغيير موقفها من سورية، ولكن روسيا أخذت قرارها بدعم الموقف السوري الرسمي، الذي يؤكد أنه لا يستطيع حل مشاكل سورية إلا السوريون أنفسهم، بواسطة حوار يناقش فيه جميع أطياف الشعب العربي السوري جميع القضايا. أما التطرف والمتطرفون الذين يريدون شل الحوار فهم المسيطرون على ما يسمى (معارضة سورية)، ويراهنون على الحل العسكري للمشكلة، وهذه بحد ذاتها مقارنة خاطئة، وقد بات أبناء الشعب العربي السوري يدركون أكثر مما مضى أهداف هذه العصابات المسلحة وإرهابها في الدولة والمجتمع، وأن روسيا الاتحادية تقف إلى جانب الموقف الرسمي للدولة السورية في الحوار وضد الإرهابيين ومموليهم وداعميهم. وأن ما يجري هنا في سورية أو هناك في القفقاس ليس بعيداً بعضه عن بعض: فالممول واحد والداعم واحد والأسماء واحدة، وراءها الحركة الوهابية وتفرعاتها من قاعدة ونصرة وغيرها من الجماعات المنتمية إلى دول مختلفة، يجعلنا نرى الأهداف الغربية وبأيدٍ خليجية لن يكون مصيرها إلا الذل والفشل كما ولأسيادهم.

فالقفقاس يتكون من سبعة أقاليم:

1. جمهورية الشيشان.

2. جمهورية داغستان.

3. إقليم ستافروبول.

4. جمهورية كبردينيا بلكاريا.

5. جمهورية أوسيتيا الشمالية.

6. جمهورية أنغوشيا.

7. جمهورية كراتشييفا شيركيسيا

ويعيش في هذه الأقاليم أكثر من 5,9 ملايين نسمة، وفيما يخص وضعهم الاجتماعي والاقتصادي فهو يتطور باستمرار، إذ فرص العمل مؤمنة للجميع، والدخل الشهري للفرد عالٍ. وهذا كله يساعد على بقاء الوضع الديموغرافي كما هو، وكذلك استقراره. مع الأخذ بالحسبان أن السياحة في هذه الأقاليم تنمو، مما يزيد معدل الدخول فيها إلى 6,2 مرة عن روسيا. وفيما يخص أنغوشيا التي هي منطقة اصطياف ومنتجعات من الدرجة الأولى يزيد معدل دخل الفرد فيها إلى تسعة أضعاف.

وبالنسبة إلى الوضع الصحي في هذه الأقاليم فإنه مميز عن روسيا الاتحادية، حيث الرقابة الطبية تشمل جميع المواطنين، مما يقلل نسبة الوفيات مقارنة بباقي المناطق. ومن المتوقع أن يرتفع دخل الفرد في العام 2025 في هذه الأقاليم أضعافاً مضاعفة حسب خطة الدولة المركزية.

أما الوضع الاقتصادي لهذه الأقاليم فبعد أن أناطت  الحكومة المركزية بدائرة شمال القفقاس العسكرية والتي تقع في مدينة رستوف على الدون العاصمة الإدارية لهذه الأقاليم والسماح للضرب بيد من حديد على الرشا واستئثار بعض المسؤولين في هذه الأقاليم، عن طريق غرفة التجارة فيها، بعلاقات جيدة مع العديد من الدول، منها الصين وأوكرانيا وأذربيجان وتركيا وألمانيا وإيران وكذلك الولايات المتحدة.

وفي النهاية رغم كل ذلك فإن الشرفاء في العالم معاً رغم تكالب قوى الظلام أدوات وداعمين وممولين، وكما قال المثل العربي الكلاب تنبح والقافلة تسير، فهذا أدق تفصيل لما يجري، فلا الدول تموت ولا الشعوب تركع لإملاءات الغرب الاستعماري الذي طرد من بلادنا أواسط القرن الماضي. وما يسمى بالربيع العربي أو الفوضى الخلاقة كما وعدت كونداليزا رايس.. نرى فيها الدم والدمار في ليبيا وتونس ومصر، فهذه ديمقراطيتهم وربيعهم، فهل يريد أحد خراب بيته بيده؟ هنا لا أعتقد أن شخصاً سوياً عاقلاً محباً لوطنه يريد ذلك.

العدد 1105 - 01/5/2024