بيان إشهار اتحاد الشيوعيّين الأردنيين

انطلاقاً من احتكامهم للنظرية الماركسية، باعتبارها مرجعية فكرية جامعة لإدراك الواقع والعمل من ثم على تغييره، واستلهاماً للمآثر الكفاحية التي اجترحها الشيوعيّون في خضمّ النضال الوطنيّ والطبقيّ، وإدراكاً منهم لأهمية وضرورة تعزيز دورهم في نضال الحركة الوطنية الأردنية مِنْ أجل التحرّر الوطنيّ والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، في مواجهة النظام الحاكم ونهجه الذي يعبِّر عن مصالح البورجوازية الكومبرادورية والطُّفيلية والشرائح العليا من البورجوازية البيروقراطية، ويتبنى خياراتها اللاوطنية، في المجال الاقتصاديّ – الاجتماعيّ، والمحافِظة، في المجال السياسي، التي استندت إلى نهج الليبرالية الاقتصادية المتوحِّشة، واقتصاد السوق، والتي أسفرتْ عن تعمّق الاختلالات البنيوية في الحياة الاقتصادية، وتمتين روابط التبعية مع المراكز الرأسمالية العالمية، وفي مقدِّمتها المركز الإمبرياليّ الأمريكي، والخضوع لإملاءات مؤسساتها المالية والنقدية الدولية؛ مما أدى إلى اتِّساع التمايز الطبقيّ، وتفشِّي البطالة والفقر، وتردِّي مستوى معيشة الطبقات الكادحة وذوي الدخل المحدود والمتدنِّي وسائر العاملين بأجر، وانهيار الطبقة الوسطى، وتعميق مظاهر التشوّه والقصور في الحياة الديمقراطية والبرلمانية، ومحاصرة أيّ جهد يرمي للحدّ مِنْ سطوة مؤسسة الفساد ومنظومته.

وكذلك في مواجهة ممارسات القوى الوهابية الظلامية المتستِّرة بالدين، التي انكشفتْ حقيقتها من خلال جملة مواقف وممارسات اتخذتها، سواء مِنْ قضية التغيير في الداخل ومتطلباته وأوّلياته، أو من الصراع الذي تفجر بعد قفز تلك القوى إلى سدة السلطة في عددٍ من البلدان العربية وتنكّرها لشعار (الخبز والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية) الذي رفعته الانتفاضات الشعبية في تلك البلدان وانخراطها المكشوف في حلقات التآمر، إلى جانب الدوائر الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية وبعض دول الإقليم، لتقويض القدرات الاقتصادية والعسكرية للدولة السورية، وشلّ دورها الوطنيّ في الصراع العربيّ الإسرائيليّ، وإسقاط نظامها السياسيّ – إنْ تسنى لها ذلك -، وتفتيت كيانها على أسسٍ طائفية وأثنية، وبالتالي، شطبها مِنْ خريطة المنطقة.

بناءً على ذلك، كلّه، فقد تجاوب الشيوعيّون الأردنيّون، من داخل التنظيم الحزبيّ ومِنْ خارجه، بشكل لائق ومسؤول، مع الدعوة التي وجهتها لهم اللجنة التحضيرية، لعقد اجتماعٍ واسعٍ لمناقشة مبادرةٍ تتوخى التوصّل إلى أنجع السبل التي تؤدِّي إلى حشد طاقاتهم، ووحدة مواقفهم واجتهاداتهم السياسية، وتمكِّنهم مِنْ تقديم المثال الداعم والمحفز للجهود التي سيواصلون بذلها بتصميمٍ أشدّ وعزيمةٍ أمضى، إلى جانب جميع أحزاب وقوى التيار اليساريّ القوميّ والمنظمات الجماهيرية الديمقراطية، لتشكيل جبهة وطنية شعبية تأخذ على عاتقها صياغة برنامج دقيق للتحرّر الوطنيّ الديمقراطي، يهدف إلى إنهاء تبعية بلادنا للمراكز الرأسمالية العالمية، واستعادة دور الدولة في الحياة الاقتصادية، وبناء اقتصاد وطنيّ مستقل يعتمد على مصادر التنميّة الوطنيّة، وإرساء أسس الدولة الديمقراطيّة المدنيّة التي تحترم حقوق جميع مواطنيها وحرياتهم، وتكفل حق تداول السلطة عبر انتخاباتٍ حرة، ديمقراطية تستند إلى قانون انتخابات ديمقراطيّ عصريّ.

ويؤكِّد الشيوعيّون الأردنيّون، جميعاً، اليوم، أنهم مفعمون بالإرادة والعزم، للعمل مِنْ أجل إنجاح مبادرة بناء (اتِّحاد الشيوعيّين الأردنيين)، ليوحِّد طاقاتهم وجهودهم، سواء منهم مَنْ كان داخل التنظيم الحزبيّ أو مَنْ كان خارجه، مع وعيهم التامّ بأن (الاتِّحاد) ليس حزباً آخر لهم.

لقد جرت، خلال الأشهر الماضية، واليوم، نقاشات كثيرة وحواراتٌ متأنِّية، وتم تبادل الآراء في أجواء من الانفتاح واحترام حقّ الاجتهاد والاختلاف. وبعد درسٍ وتمحيصٍ مستفيضين لمختلف الآراء والاقتراحات، اتفق الشيوعيّون الأردنيّون المجتمعون، اليوم (الجمعة 29/3/2013)، في مجمع النقابات المهنية في عمان، على إشهار (اتِّحاد الشيوعيّين الأردنيّين، وتشكيل (هيئة متابعة)، تشرف على عمله لمدة أقصاها ستة شهور، وتقوم، خلال تلك المدة، بإعداد مشروع ورقة سياسية تسترشد بالأفكار الرئيسة التي طُرحت في الاجتماع وحظيت بأكبر قدرٍ من التوافق، ووضع لائحة تنظيميّة يتمّ الاحتكام إليها في عمل الاتِّحاد وعلاقاته، في سياق اضطلاع (هيئة المتابعة) بتنفيذ المهامّ الكفاحية الملقاة على عاتقها، وفي مقدمتها رصّ صفوف الشيوعيّين سياسياً وفكرياً وفي ميدان الممارسة الكفاحيّة؛ بما يعزز مِنْ دورهم في النضال الوطنيّ والديمقراطيّ الذي يخوضه شعبنا الأردني، ويرتقي بجهودهم المشتركة مع سائر أحزاب وقوى وشخصيات التيار اليساريّ القوميّ وسائر المنظمات الجماهيرية الوطنية لبناء الجبهة الوطنية الشعبية الأردنية التي ستنهض بمهمات مجابهة النهج التبعيّ للنظام الحاكم ومواجهة ممارسات التيار الوهابيّ الظلاميّ المتستِّر بالدين، في الوقت ذاته.

العدد 1107 - 22/5/2024