النَّمرَة الجريحة

رجل في الشارع، يصرخ داخلاً على الله والبشر، مناشداً إيّاهم: أن يعيدوا له ابنه الذي للتو كان يمشي إلى جانبه، واختطفه مسلحون، لا يعرف لهم أصلاً من فصل!

زوجة، تخرج من بين أنقاض بيتها، تنتف شعرها وتلطم صدرها، نادبة حظها، وداعية على من كان السبب. أن يلوّعه الرب مثلما لوّعها.. يحرمه عياله مثلما حرمها، ويصيبه وينوبه و..و.. !

فتىً، في عز فورة دمه وشبابه. يهجم على رئيس إحدى الدوريات الحكومية، ليفرّغ في رأس الأخير، كامل مخزن غضبه وحنقه على قتل والده، الذي ذبحه مسلحون (بعد البسملة عليه وسبحنة مَنْ حلله للذبح؟!) وذلك على مرأى ومسمع ومسؤولية الدولة  أقلّه الأدبية  والله والمجتمع!

..

الأمثلة التي سبقت، على هذه الورقة، وأمثالها التي سبقت وستلحق (إذا ما          استمرّت الحال نفسها) على أرض الواقع. هي قليل من كثير، ممّا تُبتلى به سورية: بشراً وطيراً وشجراً وحجراً!

..

سورية اليوم. أقرب ما تكون إلى جريحة، ينهشها أبناؤها وأخواتها..

سورية اليوم. أشبه ما تكون بطريدة، كَثُر الصيادون حولها لينهالوا عليها، بمختلف حقدهم وخبثهم وأسلحتهم..!

هل سنرى اليوم (سوريانا) نمرةً تحتضن أشبالها الواعدين من غوائل وحوش التطرف والانحطاط الفكري والتخلف، وتصون حماها الوارف الظلال؟!

لعل مسيرة الألف ميل قد بدأت.

العدد 1104 - 24/4/2024