تنمية الشباب… تنتظر الدعم

انعكست الأزمة التي تعيشها سورية على جميع فئات المجتمع، ولكنها لامست الشباب-ات بشكل مباشر. فالشباب اليوم يواجه العديد من المشاكل والمعوقات التي تعيق تقدمهم وتمنع مشاركتهم الفاعلة في البناء والتنمية، فباتوا في ظل الأوضاع المأسوية التي يشهدها المجتمع السوري هدفاً سهلاً لتفشي الأمراض النفسية، واستغلتهم فئات كثيرة وتحت ذرائع مبطنة بالطائفية والعنصرية، مستغلين تفشّي البطالة بين صفوف شبابنا وعدم إتاحة الفرص لهم، وعدم توفر برامج لتطويرهم ومساعدتهم وإشراكهم في عملية التنمية، التي تهدف إلى إجراء تغيير مقصود وواعٍ للهياكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية القائمة في المجتمع، بلوغاً لمستويات أعلى من حيث الكم والنوع، لإشباع الحاجات الأساسية لغالبية أفراد المجتمع، عن طريق إحداث تغييرات هيكلية في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية. فهي بالتالي عملية حضارية شاملة ترتبط بخلق أوضاع جديدة ومتطورة.

وعن أهمية تنمية الشباب قال الأستاذ سليم الجمل، الذي يعمل مدرباً للتنمية البشرية: (الشباب محرك المجتمع والقاعدة الأساسية لنموه وتقدمه، ولكي يتمكن هذا المحرك من السير بالمجتمع والنهوض به نحو الأفضل علينا تزويده بالوقود الجيد، وما هو إلا تنمية وتطوير أفراد المجتمع اجتماعياً وعلمياً وثقافياً..، عن طريق تدريبهم على أهم المهارات الحياتية وتزويدهم بأحدث العلوم وأفضل أساليب التدريب، ما يؤدي إلى التطور العام في الفئات الشعبية كافة وزيادة الوعي العام، (مؤكداً أن الفكرة تبدأ بلعبة صغيرة وتنتهي بمواطن صالح).

وتابع قائلاً: (سيقع على جيل الشباب تحمل المسؤولية في المستقبل، وهم بالتالي قادرون على إحداث عملية التغير المجتمعي، وعدم تفاعل الشباب -ات يضيِّع على المجتمع الأغلبية الفاعلة التي تساهم في بناء مستقبل الوطن وينتج عنه رغبة الشباب في الهجرة واللجوء إلى خارج سورية، وأعداد المهاجرين الشباب في العامين السابقين خير دليل على ذلك)

وعن السبيل لتحقيق ذلك قالت الآنسة رغيد العاملة في القطاع الخاص: (إن تحقيق ذلك يتطلب مجموعة من الممارسات، من خلال عملية تحسين مستمرة لتغييرات الظروف المحيطة، وصولاً إلى حالة إبداعية تعزز تنمية الشباب. فالتنمية تقدم للشباب فرصاً وتجارب وتحديات تحضرهم للوصول إلى طاقاتهم الكامنة، وهذا التقديم ينمي المهارات اللازمة لمساندة الشباب في سن المراهقة. فإغناء حياة الشباب التي يعيشونها تزيد من احتمالية التحسين في مختلف الجوانب طيلة الحياة، وتساعدهم على تعزيز ثقتهم بأنفسهم وجعلهم مسؤولين عن تطوير مجتمعهم). وأشارت الآنسة رغيد إلى حاجات الشباب-ات المادية والاجتماعية والنفسية التي يسعون إلى تحقيقها وإشباعها، لأنها مرتبطة بخصائص هذه المرحلة العمرية.

ومن ناحية أخرى أكد أحد الناشطين في مجال حقوق الطفل والمرأة أن الهدف الرئيسي للتنمية هو إيجاد قادة من الشباب واعين لحقوقهم وواجباتهم كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وقادرين على تحقيق تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية بمشاركتهم بفاعلية في بناء مجتمع ديمقراطي. وقال: (إن ذلك يتطلب برنامجاً مخططاً ومنتظماً، وألا نعتمد على (المصادفة) للوصول إلى هدفنا المنشود). وأشار الناشط إلى ضرورة وجود مركز وطني متخصص للشباب يعتمد الخبرات والتجارب العالمية في تدريب الشباب وتنمية قدراتهم، مؤكداً دور المجتمع للمساعدة في تنفيذها. وقال: (إن اعتراف المجتمع بالإنجازات مهم جداً، لأنه يعزز إحساس الإنجاز لدى الشباب، ورؤية الشباب لتأثيرهم الفوري يعزز التزامهم بتقديم الجهود بما يحقق تعزيز المنافع والمصالح).

فيما يتعلق بدور الحكومة شدد السيد عبود خضرشاه (من مكتب التسويق الإقليمي لشركة سوني-الشرق الأوسط وإفريقيا) على دورها في مساعدة الشباب على اكتساب مهارات وخبرات جديدة في عالم اليوم تتيح لهم النجاح في الغد، إذ سيصبحون القوة العاملة المميزة التي يحتاجها الوطن غداً. وقال: (على الحكومة العمل على توسيع برامج مؤسسات الدعم الاجتماعي، والعمل على إدخالها في المناهج المدرسية لكي تصبح قادرة على الدخول إلى حياة الشباب في سن مبكرة لتجعلهم قادرين على تقبل فكرة التطوير والتنمية). وأكد ضرورة دعم المجموعات المدنية الأهلية الصغيرة، مثل مجموعات التطوع والفرق الكشفية، لأنها على تماس مباشر بالشباب-ات، وتابع قائلاً: (أرى أن تعزيز عمل المؤسسسات المدنية مثل (مشروع شباب، مسار…) أمر مهم لتعزيز اندماج الشباب في المجتمع ومحاولة تزويده بالوسائل والأدوات اللازمة لتطوير مهاراته وتنمية قدراته).

أما المدرب سليم الجمل فأكد المسؤولية الكبيرة للمجتمع المدني، لأنه يعمل بمرونة أكثر من الحكومة، قائلاً: (يقتصر موضوع التنمية على مجموعة قليلة من المبادرات الفردية أو برامج مؤسسات وجمعيات، لكنها لم تستطع بعد أن تلعب الدور المرجو منها بفاعلية).

أما بالنسبة إلى فرص العمل فقال السيد خضرشاه: (نحتاج إلى خلق المزيد من فرص العمل التي تحمل في طياتها تحدياً لهذا الشباب إذ سيصبح تحدياً مع ذاته، وهو مايخلق الإبداع والابتكار). ونوه السيد خضرشاه بدور القروض الصغيرة والمنح الاستثمارية في تحويل أحلام الشباب إلى واقع ملموس، نظراً لأن حاجز المال يحد دائماً من طموح الشباب، الأمر الذي يساهم مستقبلاً في رفع الناتج القومي على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.

عن دور الفرد في التنمية قال السيد أسامة ماردينلي الذي يعمل محاسباً: (بما أن الفرد هو الهدف الأساسي للتنمية فهو أيضاً الوسيلة لتحقيقها، ومن دون تفاعله ومساهمته الفاعلة في تحقيق التنمية لا يمكن إحداث التغييرات المنشودة). وشدد السيد ماردينلي على أهمية أن يشعر الفرد في المجتمع بأنه جزء من عملية التنمية من حيث رسم السياسات ووضع الخطط، حتى تكون لديه الحماسة والحافز لتنفيذ ما يناط به لتحقيق أهداف التنمية.

العدد 1105 - 01/5/2024