حرية التعبير ما بين باسم يوسف وعلياء المهدي

تختلف طرق التعبير والاحتجاج ما بين شخص وآخر، لغاية أساسية هي الوصول إلى أكبر عدد من الناس، ليسمع صوتهم بقوة، وحشد مجموعات تأييد لفكرتهم. فتختلف الأدوات والهدف واحد، وصول الفكرة والعمل من أجل التغيير. وتختلف أدوات التعبير بالجسد أو بالكلام،  التعبير بطريقة علياء المهدي، أو التعبير بطريقة باسم يوسف المثيرة للجدل. من عبرت بجسدها فتعرّت، ومن عبّر بالكلام فاستخدم أسلوب السخرية، وكلاهما تعرض للمساءلة.

فقد نشرت  علياء المهدي عبر مدونتها الخاصة صورها عارية تماماً، وذلك كنوع من الدعوة لإطلاق الحرية الجنسية في مصر، مؤكدة حريتها وحقها في جسدها، لتثار ضدها موجة عارمة من الغضب الشعبي. وهو أسلوب تعبيري بالجسد لا يقتصر على التعري، بل له طرق مختلفة. فالاحتجاج بحرق الجسد هو طريقة أيضاً تعبيرية رائجة، فحرق البوعزيزي لجسده كان لحظة الإعلان عن الثورة التونسية. وتكررت هذه الحوادث ليخرج الجسد إلى العلن كطريقة من طرق التعبير وإيصال الاحتجاج إلى الآخرين بطريق أقصر وبقوّة أكبر، لأنه عنصر جاذب لأكبر نسبة مشاهدة وإثارة للجدل والنقاشات ما بين فتاوى دينية وقوانين تكبت الحريات.

وقد برزت قضية الإعلامي الساخر باسم يوسف على الساحة، بعد اشتهار البرنامج بالسخرية من السياسيين. وهو ليس جديداً على الساحة العربية، ففي القنوات اللبنانية العديد من البرامج المماثلة. لكن للحرية الإعلامية في لبنان مساحة كبيرة لم تصل إليها أي دولة عربية. لذلك لم يتم توقيف أي برنامج ساخر من هذا النوع، أو تسجيل احتجاج ضده.

 أما بالنسبة لباسم يوسف فقد أحيل إلى المحكمة بسبب سخريته من السياسيين في مصر، ومما أثار العديد من الانتقادات، وخاصة من قبل وسائل الإعلام الأجنبية. فعلقت شبكة بلومبرج الإخبارية الأمريكية على تلك المسألة في مقالتها الافتتاحية، وقالت تحت عنوان (الحرية لجون ستيوارت مصر). إن وصف يوسف بستيوارت مصر قد ضلل الناس بشأن مدى أهميته ولماذا يتعرض لهجوم حكومته. وتحدثت بلومبرج عن برنامج يوسف والجدل الذي أثاره، ثم قالت: إنه مثل الإعلامي الأمريكي الساخر جون ستيوارت، سيسخر منكل شخص، إلا أن لديه وجعاً خاصاً مع جماعة محددة من السياسيين. فبينما يكون الجمهوريون الهدف المفضل لستيوارت، فإن هدف يوسف هو السياسيون الإسلاميون ورجال الدين، وقال يوسف من قبل: إن هدفه أن يظهر أن هؤلاء الأشخاص ليسوا مقدسين عندما يتحدثون عن السياسة، وأنه يمكن انتقادهم ويمكن أن يكونوا على خطأ. و قالت شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأمريكية، إن ما حدث مع يوسف يقدم مثالاً مزعجاً لخوف من في السلطة من الكوميديا.

وهناك مخاوف كبيرة في المنطقة العربية من أن هذا الشكل من الترفيه سيقوض القادة السياسيين.

وهكذا تحول باسم يوسف إلى رمز دولي لحرية التعبير، حتى إن البيت الأبيض نفسه أعرب عن قلقه بشأن مصير الإعلامي الساخر، مؤكدة أن يوسف، الذي أطلق سراحه بكفالة مالية، لم يكن الوحيد في هذا الصدد. وتبقى حرية التعبير القضية الأكبر في عالمنا العربي، فالإعلام هو السلطة الرابعة التي يجب أن تفسح أمامها الحرية لتتمكن من النقد ومساءلة القادة أمام الشعب وإبراز كل السلبيات والإيجابيات أيضاً لنصل إلى حالة أفضل.

العدد 1107 - 22/5/2024