التوجه شرقاً خطوة تستلزم خطوات

اتفاقيات اقتصادية عديدة أسفرت عنهما زيارتا الوفدين الحكوميين إلى إيران وروسيا، ونتوقع أن تسهم هذه الاتفاقيات في تخفيف حدة الحصار الاقتصادي الجائر الذي فرضه التحالف الأمريكي الأوربي الخليجي على اقتصادنا الوطني.
السوق الأوربية ليست السوق الوحيدة في عالمنا.. هناك تجمعات اقتصادية أوربية وآسيوية وأمريكية لاتينية أخرى خارج الطوق الأوربي الأمريكي تضم بلداناً عديدة، لذلك نرى استمرار المضي في عقد اتفاقيات أخرى مع دول تجمعات البريكس.. وآسيان.. وميركوسور، تساهم في عودة الانتعاش إلى قطاعاتنا الاقتصادية.
الاستفادة من هذه الاتفاقيات يتوقف أولاً على اكتشاف مكامن القوة في الاقتصاد السوري، والعمل على دعمها، فسورية لا تعتمد على قطاع اقتصادي مهيمن على مجمل العملية الاقتصادية، بل تتنوع الأنشطة الاقتصادية، وتسهم بنسب متفاوتة في الناتج المحلي الإجمالي، لكن ضرورات المرحلة الراهنة تتطلب التركيز على قطاعات قائدة.. قاطرة لبقية القطاعات الأخرى، ونعني هنا الزراعة والصناعة التحويلية، فدون هذه الخطوة سيصبح التبادل التجاري ضمن هذه الاتفاقيات باتجاه واحد هو الأسواق السورية.

علينا مساعدة الصناعة الوطنية بقطاعيها العام والخاص على تطوير منتجاتها، وتحسين قدرتها التنافسية من خلال تأمين مستلزمات الإنتاج من أسواق الدول الصديقة، وتخفيض تكاليف الإنتاج، والتقيد بالمواصفات القياسية المعتمدة، وتوجيه الاستثمارات المحلية والأجنبية نحو إنشاء صناعات جديدة متطورة، تعتمد على التكنولوجيا العالية، وتسهيل حصول الصناعيين السوريين على قروض المصارف العامة والخاصة، وتجديد وإعادة تأهيل القطاع العام الصناعي.
كذلك علينا دعم النشاط الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، عن طريق تأمين البذار والسماد والأعلاف بأسعار مدعومة، وتخفيض الفوائد على القروض الممنوحة للمزارعين ومربي الثروة الحيوانية، والمضي قدماً في تنفيذ مشروع الري الحديث والمشاريع المائية الأخرى.
إن التوجه شرقاً، وعودة الانتعاش لاقتصادنا الوطني في ظروف الأزمة المركبة التي تمربها بلادنا يساهم في عودة عمال القطاع الخاص المسرحين إلى أعمالهم، وخلق فرص عمل جديدة، تستفيد منها الفئات الشابة التي وصلت نسبة البطالة بين أفرادها إلى نحو 40% وتقليص معدلات الفقر التي وصلت إلى نحو 43%.
لكن العقبة الأولى التي تعيق تنفيذ هذه السياسات لاقتصادية هي توفر الأمن والاستقرار، وعودة البلاد إلى الوضع الطبيعي الذي يسمح بتشغيل المصانع وتوريد المحاصيل والسلع إلى الأسواق الداخلية والخارجية، أي بكلمة أخرى، حل الأزمة السورية بالطرق السياسية، وتجنيب البلاد تداعيات التدخل الأجنبي والحرب الأهلية، التي لن تبقي حجراً.. ولا بشراً.

العدد 1104 - 24/4/2024