أسعار الغذاء تحلق على نطاق العالم… فما العمل؟

تواصل أسعار المواد الغذائية ارتفاعها، وفي تقرير لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ظهر التشاؤم جلياً: (الأسوأ لم يأتِ بعد).

لقد ارتفعت أسعار الغذاء بنحو 47% خلال السنوات الخمس الماضية، ويقدّر الخبراء أن زيادات أخرى آتية، بعد مواسم سيئة أدت إلى انخفاض إنتاج الدول المصدرة للقمح والذرة، كروسيا والبرازيل، وازدياد الاعتماد في الولايات المتحدة وأوربا على الذرة والصويا في إنتاج الوقود الحيوي.

ويزداد المشهد قتامة بعد توقعات خبراء الاقتصاد بتفاقم الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة وأوربا، إذ تتلاشى جهود الإدارة الأمريكية في تحفيز قطاعات الإنتاج الحقيقي، ويزداد العجز ليصل إلى نحو 16 تريليون دولار، ويفشل الأوربيون رغم ضخ المليارات في إنقاذ الاقتصادات المتدهورة في اليونان وإسبانيا والبرتغال، في حين يرتفع عدد الدول الأوربية الأخرى المنضمة إلى قائمة (المهدّدين).

وجاء في تقرير للأمم المتحدة: إن أزمة الغذاء في الدول الفقيرة والأزمة الاقتصادية العالمية تسببتا في تفاقم أزمة الجوع العالمية ليصل عدد الجياع في العالم إلى مليار إنسان، وتضم قارة آسيا وجزر المحيط الهادي العدد الأكبر، إذ يوجد فيها 642 مليون جائع، وتليها منطقة جنوب الصحراء في إفريقيا، التي يوجد فيها 265 مليون شخص لا يحصلون على القدر الكافي من الغذاء. وتؤكد الأمم المتحدة أن الرقم الحالي من الجياع الذي تقدّره بمليار شخص هو الأعلى منذ عام ،1970 وهو في ازدياد مستمر حتى قبل الأزمة الاقتصادية العالمية. لكن هذه الأزمة سارعت في إضافة ملايين أخرى. وتفيد تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، بأن (هناك حاجة لاستثمارات تبلغ قيمتها نحو 44 مليار دولار سنوياً في مجال الزراعة لمكافحة الجوع، وعلى العالم زيادة إنتاجه من الغذاء بنسبة 70 % بحلول عام ،2050 من أجل إطعام مليارين وثلاثمئة مليون نسمة جدد).

 لن نعقب كثيراً على هذا المشهد، لكننا نكرر ما كتبناه على صفحات (النور) أن الاهتمام الاستثنائي بالقطاع الزراعي ليس مسألة قابلة للنقاش والحوار، إنها مهمة وطنية ذات بعد استراتيجي يتعلق، لا بتأمين الغذاء للمواطنين السوريين فقط، بل بالحفاظ على قرارنا الوطني، خاصة بعد أن ظهرت نوايا قوى الشر والتطرف والعدوان، التي تبيت العدوان على بلادنا..وتجويع شعبنا، وهذه حزمة اقتراحات تساعد – إذا ما توفرت الجدية- في حل مشكلات القطاع الزراعي الذي هُمّش سنوات وسنوات:

1 – إعطاء الأولية في تطورنا الاقتصادي للقطاع الزراعي، إذ يُعد النشاط الرئيسي للسكان.

2 – زيادة حصة الزراعة في الإنفاق الاستثماري بما يتناسب وهذا الهدف.

3 – توجيه الرساميل الاستثمارية باتجاه القطاع الزراعي وفق سياسات واضحة، وتقديم الدعم للمنتجين والمستثمرين الزراعيين.

4 – العمل الجاد لإنجاز المشروع الوطني للري الحديث وتحويل تنفيذه إلى مؤسسة حكومية متخصصة، مهما غلت تكاليفه ومهما صرفت الدولة من أجله، وتذليل جميع الصعوبات والمعوقات التي حالت حتى الآن دون إنجازه، سواء كانت هذه المعوقات إدارية أم قانونية أم مالية أم تقنية، لأن كل قرش تدفعه الدولة في هذا المجال يمكن أن يقدم خبزاً أكثر ودخلاً أعلى.

5 – الاهتمام بالبادية للحفاظ على الغطاء النباتي، وتحديد مناطق الرعي سنوياً، وفقاً لسياسة الدورات الرعوية حسب المناطق، وحسب مستوى الغطاء النباتي، وقيام مؤسسات الدولة باستيراد المواد العلفية، وإجراء إحصاء دقيق للثروة الحيوانية ليصار إلى رسم السياسات الاستراتيجية لتطويرها وتأمين مستلزماتها، ومنح مربي المواشي، وخصوصاً في المناطق الشرقية، كل الاهتمام ، وتأمين كل ما يمكّنهم من متابعة عملهم بشكل لائق لرعاية هذه الثروة وتحقيق نموها وتطورها.

6 – تخفيض سعر المازوت المخصص لري المحاصيل.

7 – العودة عن قرار تحرير أسعار السماد، وتكليف مؤسسات الدولة باستيراده وتوزيعه على المزارعين بهامش ربح بسيط.

العدد 1104 - 24/4/2024