لافروف: الغرب يريد قراراً لاستخدام القوة ضد سورية وتبرئة المعارضة

وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محاولات الغرب تبني مشاريع مسيسة في مجلس الأمن ضد سورية بأنها (تصرف غير مسؤول وغير مهني)، متهماً الدول الغربية بأنها لا تبدو مهتمة بالتخلص من السلاح الكيميائي في سورية بقدر اهتمامها باستغلال الاتفاق الروسي – الأمريكي لتنفيذ ما لم تسمح لهم روسيا والصين بتنفيذه، وبالذات تبني قرار لاستخدام القوة ضد (النظام السوري) وتبرئة المعارضة.

وقال لافروف في مقابلة مع القناة الأولى الروسية: (إن الدول الغربية لا ترى في الاتفاقيات الروسية الأمريكية فرصة لتخليص العالم من كميات كبيرة من السلاح الكيميائي، بل ترى فرصة لتنفيذ ما لم تسمح لها روسيا والصين بتنفيذه، وبالذات تَبَنِّي قرار لاستخدام القوة يطلق أيديها لتحقيق سيناريوهات عسكرية تستهدف (النظام) وتبرئ المعارضة).

وأكد لافروف ضرورة أن يتركز العمل اليوم على إتلاف السلاح الكيميائي في سورية، وليس القيام بمحاولات تبنِّي قرار بشأن استخدام القوة تحت ستار الاتفاقيات الروسية الأمريكية التي توصلنا إليها في جنيف، مشيراً إلى أن (عدم انتهاز الفرصة لإطلاق عمل مهني في ظل هذا الوضع وتركيز الجهود الرئيسية على محاولات تبني مشاريع مسيسة في مجلس الأمن الدولي تصرُّف غير مسؤول وغير مهني).

وعبر وزير الخارجية الروسي عن دهشته لموقف (اللامبالاة الذي اتخذه الشركاء الأمريكيون من فرصة فريدة من نوعها لحل مشكلة الكيميائي في سورية، إذ انضمت الحكومة السورية رسمياً إلى اتفاقية حظر السلاح الكيميائي، وأعلنت استعدادها للتنفيذ الفوري لكل التزاماتها، دون أن تنتظر قضاء مهلة الشهر التي تمنحها الاتفاقية للأعضاء الجدد).

وكشف لافروف أن المعطيات المتوفرة لدى بلاده (تثبت وقائع سيطرة المسلحين على مناطق كانت توجد فيها مستودعات سلاح كيميائي)، مؤكداً أنه أثناء (عمل خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تمهيداً لوضع مواقع تخزين السلاح الكيميائي تحت المراقبة يجب على من يموّل مجموعات المعارضة، وخاصة المتطرفة منها، أن يجد طريقة لمطالبتها بتسليم ما جرى الاستيلاء عليه، ويجب تدميره، وفقاً لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية).

وأشار لافروف إلى أن موعد التخلص من السلاح الكيميائي في سورية واقعي، وجرى الاتفاق على وتائر العملية مع الشركاء الأمريكيين، مضيفاً أن الأمريكيين هم الذين اقترحوا الأغلبية المطلقة من المؤشرات التي تخص زمن وفترة وإطلاق العملية واختتامها.

وفي سياق متصل أكد لافروف أن بلاده على استعداد لإرسال عسكريين ورجال شرطة من أجل تأمين عمل الخبراء الأمميين في سورية، مشيراً إلى ضرورة ضمان أمن الخبراء الأمميين الذين سيعملون على إتلاف السلاح الكيميائي في سورية.

وقال لافروف: (اقترحنا التفكير في ضرورة تأمين وجود دولي يحيط بالمناطق التي سيعمل فيها الخبراء، ونحن على استعداد لتخصيص عسكريينا ورجال الشرطة العسكرية ليشاركوا في تلك الجهود). ورأى لافروف أن الأمر لا يحتاج إلى إدخال قوات كبيرة، إذ يكفي وجود مراقبين عسكريين، موضحاً أن قوات الأمن الدولية لن تدخل إلى سورية من أجل تأمين عمل الخبراء، إنما سيتكفل المراقبون العسكريون بالمهمة.

وشدد لافروف على ضرورة أن يمثل المراقبون العسكريون كل أعضاء مجلس الأمن والدول العربية وتركيا، كي تدرك كل الأطراف المتنازعة في سورية أن مثل هذه القوات تمثل جميع القوى الخارجية المتعاونة مع هذا الطرف أو ذاك.

وذكر لافروف أن الاتفاق الروسي – الأمريكي حمّل سورية المسؤولية الرئيسية عن أمن الخبراء الدوليين، باعتبارها الدولة صاحبة الأرض، بينما تتحمل الأطراف السورية الأخرى (المعارضة) المسؤولية عن عدم تشكيل أخطار على أمن الخبراء.

وفيما يخص تكلفة التخلص من السلاح الكيميائي، رأى لافروف أنها وفقاً للخبراء أثناء المباحثات الروسية الأمريكية في جنيف، أقل من مليار دولار بكثير.

ودعا لافروف إلى إيجاد إطار قانوني فيما يخص النقل والتخلص من الأسلحة الكيميائية، لأن اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية تنص على ضرورة التخلص من هذا السلاح داخل أراضي الدولة التي تمتلكه، ولذلك من الضروري أن يجري البحث عن حلول قانونية، مشيراً إلى أنه في حال وافق الجميع مبدئياً على ذلك، فلن تكون هناك صعوبة في إنجاز اتفاق. وقال لافروف (يجب التنسيق بشأن كيفية زيارة المناطق المسجلة كمواقع تخزين السلاح الكيميائي فوراً ودون عوائق، مع عدد من القضايا الأخرى).

وأعرب لافروف عن اعتقاده بأن التنسيق بشأن ذلك ليس سهلاً، وأن القرار سيتخذ قريباً ما لم يتغلب الموقف المتعالي لبعض الشركاء الغربيين، ومفاده أنهم سيتخلون عن العمل في إطار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في حال عدم تهديد سورية بالفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في مجلس الأمن الدولي.

من جهة ثانية أعلن لافروف أن خبراء من روسيا يدرسون المعطيات التي قدمتها السلطات السورية بشأن استخدام المعارضة لغاز السارين، وستكون إضافة إلى ما نعلمه وما يعلمه المجتمع الدولي، وكذلك الخبراء المستقلون الذين يقدمون تقديراتهم، ويدركون أن المعارضة تلجأ إلى الاستفزازات في محاولة لاتهام (النظام) باستخدام السلاح الكيميائي، وبالتالي الحصول على دعم عسكري خارجي.

إلى ذلك شدد لافروف على أن بلاده ليست ضامناً لنزع السلاح الكيميائي في سورية، وأن روسيا تولت انضمام سورية إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية من دون أي شروط، خلافاً للأمريكيين الذين انضموا إليها بشروط، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي بأكمله أو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هي الضامن لوفاء سورية بالتزاماتها.

وأكد لافروف أن بيان جنيف هو أساس التسوية السياسية في سورية، منبهاً إلى أن الشركاء الأمريكيين يحاولون إدخال الفصل السابع من العقوبات في القرار الأممي المزمع أن يُصدره مجلس الأمن الدولي، ليعيدوا بذلك إلى الأذهان مطالبتهم، إضافة المادة السابعة في اتفاق جنيف العام الماضي للمطالبة برحيل القيادة السورية، مؤكداً أن روسيا لا تنحرف عن التزاماتها، لكنها تتصدى بقوة لمحاولات خرق القانون الدولي.

العدد 1105 - 01/5/2024