ميركل… على رأس المستشارية لولاية ثالثة

حققت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نصراً تاريخياً في الانتخابات التشريعية التي جرت في 22/9/،2013 فقد حصد حزبها المحافظ (الاتحاد المسيحي الديموقراطي)، أكثر من 42 في المئة من الأصوات، لتبقى بذلك على رأس المستشارية لولاية ثالثة. وهكذا تكون ميركل، وهي في التاسعة والخمسين، قد أكدت موقعها المتقدم بعدما أصبحت أول زعيمة أوربية يعاد انتخابها منذ الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالاتحاد الأوربي.

 فمنذ هذه الأزمة الاقتصادية لم يفز أي من نظرائها في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا أو في بريطانيا بولاية جديدة. أما في ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، فوحدهما كونراد أديناور ومستشار التوحيد هيلموت كول تمكنا من الفوز بثلاث ولايات في المستشارية. وأتاحت ميركل لحزبها، خلال الانتخابات الحالية، التي بلغت نسبة المشاركة فيها 74 في المئة، تحقيق أفضل نتيجة له منذ إعادة توحيد البلاد عام ،1990 بحصوله على نسبة 5,42 في المئة من الأصوات، بارتفاع نسبته تسع نقاط عن النتيجة التي حققها في الانتخابات الأخيرة عام ،2009 وذلك بحسب الأرقام التي أذاعتها شبكة التلفزيون العامة (زد.دي.إف).

 وجاء حزبها متقدماً بفارق كبير عن (الحزب الاشتراكي الديموقراطي) المعارض، الذي حصل على نسبة 5,26 في المئة، فبقي قريباً من أدنى مستوى في تاريخه الذي سجله قبل أربع سنوات. إلا أن حليف ميركل الليبرالي، (الحزب الديموقراطي الحر)، يبدو أنه سيخرج من البرلمان بعد فشله للمرة الأولى ما بعد الحرب، بالحصول على نسبة الخمسة في المئة اللازمة، فهو لم يحصد سوى 5,4 في المئة، ما يعني أنه سيكون على ميركل أن تشكل حكومة ائتلافية.

 ويبدو أنه لن يكون أمام ميركل خيار غير تشكيل حكومة ائتلافية مع (الحزب الاشتراكي الديموقراطي)، كما يرى المحللون. وينذر مثل هذا (الائتلاف الكبير) بين أكبر حزبين في البلاد، كما حدث في ولايتها الأولى (2005-2009)، باتباع سياسة أكثر ميلاً إلى اليسار، فالاشتراكيون الديمقراطيون ركزوا في حملتهم على المطالبة بزيادة الضرائب على الأكثر ثراء، وتحديد حد أدنى للأجور بنسبة 50,8 يورو في الساعة. في غضون ذلك، حقق حزب جديد معارض لليورو، هو حزب (البديل من أجل ألمانيا) يطالب بالخروج من منطقة اليورو، قفزة كبيرة بحصوله على نسبة 8,4 في المئة من الأصوات، حتى وإن كانت أدنى من نسبة الخمسة في المئة المطلوبة لدخول البرلمان.

 كما سجل (حزب الخضر) تراجعاً واضحاً بحصوله على نسبة 8 في المئة، متراجعاً بنسبة 7,2 في المئة. وتراجع كذلك اليسار المتشدد (دي لينك) بأكثر من ثلاث نقاط إذ حصد 5,8 في المئة. وهكذا، فإن إجمالي أصوات الاتجاه اليساري بلغ نسبة 43 في المئة، وهي نتيجة أضعف من تلك التي سجلها في انتخابات عام 2009 التي حصد فيها 6,45 في المئة.  وأبدت المستشارة الألمانية سعادتها ب(النتيجة الرائعة) التي حققها حزبها، وقالت: (معاً سنقوم بكل ما في وسعنا لنجعل السنوات الأربع المقبلة أربع سنوات من النجاح لألمانيا). وركزت ميركل، التي تلقب تودّداً ب(الأم) داخل حزبها، حملتها الانتخابية على شعبيتها الشخصية وحصيلة أدائها. وقالت: (تعلمون من أنا، إنكم تعرفونني، فقد نجحنا معاً في أن نجعل عام 2013 عدداً كبيراً من الناس في وضع أفضل من العام 2009)، مشيرة إلى انخفاض معدل البطالة في ألمانيا إلى نسبة 8,6 في المئة. وبرغم هذه النتائج المشجعة، سيكون على ألمانيا مواجهة العديد من التحديات، إذ يوجد فيها أكبر عدد من ذوي الرواتب الدنيا في أوربا، كما تعاني أقلّ نسبة ولادات في العالم، ما يشكل قنبلة موقوتة بالنسبة لاقتصادها.

العدد 1105 - 01/5/2024