نص الدعوة الدولية لوقف العنف في سورية

(على جميع أطراف النزاع في سورية الامتثال لقواعد القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين من أعمال العنف التي يسببها النزاع في كل الأوقات. ومن واجبنا الأخلاقي تذكيرهم بواجبهم للقيام بذلك، وحماية المساعدات الطبية والإنسانية وتوفيرها. بل يجب أن يتوقف الآن العنف ضد المدنيين في سورية. إن التوسع في الجهود الإنسانية الراهنة مطلوب على نحو عاجل ومستقل عن الجهود السياسية لحل النزاع. ونحن ندعو جميع أطراف النزاع إلى التمسك فوراً بواجبهم في حماية المدنيين وأفراد الخدمات الطبية والمرافق والنقل، والسماح وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى كامل الأراضي فوراً ومن دون عائق، وضمان سلامة وأمن موظفي المساعدة الإنسانية في ممارسة واجباتهم من دون تأخير.

تخيل أن يجري تدمير المدينة التي تعيش فيها، والمكان الذي تعمل فيه، والمدرسة التي يذهب إليها أطفالك، ليس بسرعة بين ليلة وضحاها لكن بطريقة بطيئة وتدريجية وغير متوقعة. تخيل عدم اليقين والتوتر الذي قد تشعر به عند التفكير في الغد. هل سيكون منزل جاري هو الذي سيدمّر تالياً؟ أم سيكون منزلي أنا؟ هذا هو الواقع المأسوي الذي لا يطاق للأشخاص الذين يعيشون في سورية.

نريد من الناس في جميع أنحاء العالم أن يفهموا أن الصراع الجاري في سورية له عواقب حقيقية وملموسة بالنسبة إلى الأشخاص العاديين.. وعلى رغم أن الجزء الأكبر من المناقشات والتغطية المتعلقة بالأزمة تميل إلى التركيز على الوضع السياسي والعسكري، يجب علينا أن لا نغفل عن الآثار اليومية على الناس الذين يعيشون في سورية.

يستمر الصراع المأسوي في سورية منذ أكثر من عامين ونصف، ويلقى الآلاف من المدنيين حتفهم كل شهر. وأولئك الذين بقوا على قيد الحياة – سواء في سورية أو في البلدان المجاورة لها- يعانون ضائقة إنسانية غير مسبوقة.

إننا مصدومون من العواقب المأسوية المتزايدة للصراع.. إذ وصل القتال والعنف إلى مستويات لا تطاق، ما أدى إلى معاناة لا تحتمل وفقدان للحياة الإنسانية، إضافة إلى تدفق اللاجئين والتشريد الجماعي للسكان والدمار. وعلى رغم الجهود المبذولة لزيادة الحماية لجميع المدنيين المتضررين في سورية والبلدان المجاورة، لا يزال الوضع الإنساني مستمراً في التدهور على نحو كبير.. ويبقى العديد من المدنيين من دون المساعدات الإنسانية.. وإننا قلقون خصوصاً إزاء الفئات الأكثر ضعفاً، لا سيما الأطفال والنساء.

ولا شك أن الأرقام تتحدث عن نفسها، إذ إن عدد الذين قتلوا يزيد على مئة ألف شخص، وجرح 465 ألف شخص، وغادر سورية أكثر من مليون شخص وأصبحوا لاجئين في دول الجوار، وبضمن ذلك مليون طفل. في حين أجبر أكثر من 5,3 ملايين شخص على مغادرة منازلهم، وبضمن ذلك مليونا طفل.. لكنهم ما زالوا داخل الحدود السورية، ولا بد من التذكير بأن هذه الأرقام تستمر في الزيادة يومياً.

إننا نشعر بالفزع إزاء استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، الأمر الذي أودى بأرواح المدنيين، وبضمن ذلك عدد كبير من النساء والأطفال.. إننا ندين أشد الإدانة استخدام مثل هذه الأسلحة المسببة للدمار الشامل. إن استخدام الأسلحة الكيماوية من جانب أي شخص تحت أي ظرف من الظروف، هو انتهاك جسيم للقانون الدولي وجريمة حرب بشعة. ينبغي ألا يكون هناك إفلات من العقاب عند ارتكاب مثل هذه الأعمال، ويجب أن يقدم الجناة إلى العدالة.

على جميع أطراف النزاع تحمل المسؤولية والامتثال لقواعد القانون الإنساني الدولي، وبضمن ذلك مبادئ التمييز والتناسب والإنسانية لحماية المدنيين من أعمال العنف الناتج من النزاع في جميع الأوقات. لدينا واجب أخلاقي لتذكير جميع الأطراف والتأثير عليها لاحترام التزاماتهم وحماية وتوفير المساعدات الطبية والإنسانية في سورية.

ونشعر بقلق بالغ خصوصاً بسبب الضرر الشديد أو التدمير الذي ألحق بالبنية التحتية الطبية. وبحسب الأمم المتحدة فإن 60 في المئة من المستشفيات العامة تأثرت بأضرار بالغة، كما أن نحو 40 في المئة من المستشفيات أصبحت غير قابلة للاستخدام تماماً. كما تعرض نحو 80 في المئة من سيارات الإسعاف في البلاد للتلف، بل يستخدم بعضها لأغراض قتالية. ويجري فحص القوافل بانتظام، وغالباً ما تُصادَر اللوازم الطبية. إن المرضى وأفراد الخدمات الطبية والمرافق والسيارات يستهدفها المشاركون في الأعمال العدائية عمداً، ويجري استغلال المرافق الطبية، وبضمن ذلك المستشفيات لأغراض قتالية، حتى إن بعضها يستخدم مراكز للتعذيب والاعتقال.

ونتيجة للأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية، ونقص العاملين الصحيين المؤهلين وانعدام الأمن، فإن العديد من الناس لا يمكنهم الحصول على الرعاية الطبية باستمرار، وهذا يحرمهم من الخدمات الطبية الأساسية، ما يؤدي إلى وضع النساء والأطفال، خصوصاً، في خطر كبير، إضافة إلى أولئك الذين يعانون أمراضاً مزمنة مثل داء السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. إن تعطل برامج اللقاحات وتلوث المياه وخدمات الصرف الصحي وتدمير المنازل والملاجئ، يضع الناس في خطر كبير من الأمراض المعدية.. وقد وُثّق بالفعل توثيق انتشار مرضَيْ الحصبة والإسهال.

وقد أزيلت في بعض الحالات الإمدادات الجراحية المنقذة للحياة من قوافل المساعدات.. ونشهد أيضاً الكثير من المدنيين الذين يموتون بسبب إصابات كان يمكنهم النجاة منها، إذا ما كانت هناك مساعدة طبية عاجلة. في الوقت عينه، تواصل المنظمات الإنسانية مواجهة ظروف قاسية وصعبة أثناء محاولتها الوصول إلى الضحايا.

يجب وقف العنف ضد المدنيين في سورية الآن.. وإنه أمر ملح، التوسع في الجهود الإنسانية الراهنة على نحو عاجل ومستقل عن الجهود السياسية لحل الصراع.

ونعرب عن امتناننا للعاملين في المجال الإنساني من مختلف منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية الذين يُعرّضون حياتهم للخطر على الأرض كل يوم، لإيصال الإمدادات الإنسانية إلى جميع المدنيين في ظل ظروف صعبة للغاية. ونود أن نثني على شجاعة الرجال والنساء العاديين في جهودهم الرامية للتخفيف من معاناة أسرهم وجيرانهم في مثل هذا الوضع المؤلم والمأسوي.

وندعو جميع أطراف النزاع إلى التمسك فوراً بواجبهم في حماية المدنيين، وكذلك أفراد الخدمات الطبية والمرافق والنقل. يجب عليهم السماح وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية فوراً من دون عائق إلى كامل الأراضي، وبضمن ذلك تقديم الرعاية الطبية والمساعدة الإنسانية على أساس غير تمييزي. ونحض جميع الأطراف على ضمان سلامة أمن موظفي المساعدة الإنسانية في ممارسة واجباتهم).

الموقعون

وزراء خارجية: أستراليا «جولي بيشوب»، النمسا «مايكل شبيندليغر»، بلجيكا «ديدييه ريندرز»، بلغاريا «كريستيان فيجينين»، ساحل العاج «تشارلز كوفي ديبي»، كرواتيا «فيسنا بوسيتش»، قبرص «إيوانيس كاسوليدس»، تشيكيا «يان كوهوت»، الدنمارك «كريستيان فريس-باخ»، مصر «نبيل فهمي«، أستونيا «أورماس بايت»، المفوض الأوربي «كريستالينا جيورجيفا»، فنلندا «هايدي هوتالا»، اليونان «إيفانجيلوس فينيزيلوس»، هنغاريا «يانوش مارتوني»، إندونيسيا «مارتي م. ناتاليجاوا»، إيرلندا «سايمون جيلمور»، كازاخستان «آرلان آندروسيف»، لاتفيا «إدغارز رينكيفيتش»، لوكمسبورغ «جان أسيلبورن»، هولندا «ليليان لومن»، بولندا «رادوسلاف سيكورسكي»، سلوفاكيا «ميروسلاف لاجاك»، سلوفينيا «كارل إريافتس»، إسبانيا «خوسيه مانويل غارسيا مارجالو إي مارفيل»، سويسرا «ديدييه بيركهالتر»، تايلاند «سورابونج توفيشاكشيكول».

العدد 1105 - 01/5/2024