الرئيس الأسد ل (تلفزيون راي نيوز 24) الإيطالي: سنجعل سورية أفضل بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة

قال السيد الرئيس بشار الأسد، في مقابلة مع تلفزيون (راي نيوز 24) الإيطالي: إن الهدف الأساسي للدولة السورية اليوم يتركز على التخلص من الإرهابيين وإرهابهم وإيديولوجيتهم، وأنه بعد تجاوز الأزمة سنجعل من سورية أفضل بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة.

وقال الرئيس الأسد: إن معظم البلدان الأوربية لا تملك القدرة على لعب دور بحل الأزمة في سورية، لأنها لا تملك العوامل المختلفة التي تمكّنها من النجاح، ومن أن تكون كفؤة وفعالة في لعب هذا الدور. لقد انضممنا  إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية قبل ظهور هذا القرار  إلى الوجود..كان الجزء الرئيسي من المبادرة الروسية يستند  إلى إرادتنا بفعل ذلك.. إذاً.. الأمر لا يتعلق بالقرار بل بإرادتنا نحن.. وبالطبع فإننا نملك الإرادة لفعل ذلك.. سنلتزم بالطبع.. لأن تاريخنا يظهر التزامنا بكل معاهدة نوقعها. وحول الآفاق المستقبلية في سورية أكد الرئيس الأسد أنه منذ بداية الأزمة قلنا: إن النشاط السياسي أو الحل السياسي – سمّه ما شئت – هو جزء مهم جداً من الأزمة.. لكن عندما يكون هناك إرهاب.. لا تستطيعين أن تتوقعي أن يؤدي الحل السياسي  إلى تسوية كل المشكلات.. رغم ذلك.. ينبغي أن نستمر في العمل السياسي.. إذاً الأمر يتعلق باجتماع السوريين حول الطاولة لمناقشة النظام السياسي الذي يريدونه ومستقبل سورية.. وكل ما يتفقون عليه سيعرض على استفتاء للحصول على موافقة الشعب السوري، فيما يتعلق بأي جزء من مستقبل سورية.

وبخصوص مناقشة المستقبل في سورية مع المسلحين قال الرئيس الأسد: لا.. فالمسلحون لا نسميهم معارضة، بل إرهابيون.. المعارضة كيان سياسي.. برنامج سياسي.. ورؤية سياسية.. هذه هي المعارضة. إذا كان هناك أسلحة وتدمير وقتل واغتيال.. فهذه ليست معارضة. هذا ما يسمى إرهاباً في جميع أنحاء العالم وفي كل البلدان.

إذاً.. بوسعنا إجراء نقاشات مع كل حزب في المعارضة.. أما فيما يتعلق بالمسلحين.. فإذا تخلّوْا عن أسلحتهم.. فسنكون مستعدين لمناقشة أي أمر معهم، مَثَلُهم في ذلك مثل سائر المواطنين الآخرين.

وعن إمكان وجود بعض قوات الفصل الدولية على الأرض السورية لتحقيق الاستقرار، أكد الرئيس الأسد أن ذلك لن يكون عملياً.. لا نتحدث عن بلدين في حالة حرب.. مثل سورية وإسرائيل على سبيل المثال.. إذ هناك خط جبهة واضح.. وحيث يمكن أن يكون هناك قوات تابعة للأمم المتحدة على جانبَيْ الحدود.. أو على خط الهدنة.. الأمر مختلف تماماً.. نحن هنا نتحدث عن عصابات يمكن أن توجد في كل مكان في سورية، وداخل أي مدينة، وحيث لا توجد هناك أي جبهات أو خطوط واضحة.. إذاً فحتى لو افترضنا أننا سنقبل بمثل تلك الفكرة.. وهي غير مقبولة بالنسبة إلينا.. لكن حتى لو أردنا قبولها.. أين يمكن وضع تلك القوات؟ لا أحد يستطيع رسم خريطة لذلك.. سيكون هناك حاجة لخريطة واضحة.. وهذه الخريطة غير موجودة.. هناك عصابات تأتي من كل مكان.. وهذه العصابات تتكون من إرهابيين ينبغي مقاتلتهم، لا عزلهم عن القوات السورية.

وعن الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الإيراني حسن روحاني، وتغيّر شكل التوازن في المنطقة وتأثيره على ما يحدث في سورية، قال الرئيس الأسد: أعتقد أن هذا سيكون له أثر إيجابي على ما يحدث في سورية لعدة أسباب.. أولاً.. إيران حليف لسورية، وثانياً لأننا نثق بالإيرانيين، وثالثاً الإيرانيون كالسوريين وكأي بلد آخر في العالم لا يثقون بالأمريكيين.. وأعتقد أن العديد من حلفاء الولايات المتحدة لا يثقون بالإدارات الأمريكية.. إن اقتراب الإيرانيين من الأمريكيين ليس مجرد تحرك ساذج.. إنه تحرك مدروس بعناية يستند  إلى تجربة الإيرانيين مع الولايات المتحدة منذ الثورة الإيرانية عام ،1979 لكن إذا كان الأمريكيون صادقين في هذا التقارب.. فأعتقد أن النتائج ستكون إيجابية فيما يتعلق بمختلف القضايا لا بالأزمة السورية فقط.. سينعكس ذلك على كل مشكلة في المنطقة.

وعن موقف الحكومة من الأقليات خلال السنوات القادمة، أشار الرئيس الأسد  إلى أن سورية عبارة عن بوتقة تضم العديد من الثقافات.. وقد وجدت هكذا منذ قرون.. قبل المسيحية وبعد المسيحية.. قبل الإسلام وبعد الإسلام.. إذا حصل أي تغيير جذري في النسيج الديمغرافي والنسيج الاجتماعي للمجتمع السوري، فسيكون هناك مشكلة كبيرة في المستقبل.

وفيما يتعلق بمستقبل سورية: لا أستطيع أن أحدد الآن طبيعة تلك المشكلة، لأنها أكثر تعقيداً مما قد يعتقد أي شخص.. وذلك سيؤثر في البلدان الأخرى في المنطقة.. سورية بلد علماني.. والمجتمع السوري مجتمع علماني.. والعلمانية هنا تعني التعامل مع جميع المواطنين، بصرف النظر عن انتمائهم الديني أو الطائفي أو العرقي.. إذاً أعتقد أن الاهتمام بهذه الأقليات، وخصوصاً المسيحيين، في ضوء ما حدث مؤخراً من حرق للكنائس ومهاجمة القرى المسيحية وطرد المسيحيين من منازلهم وبيوتهم.. في ضوء هذا.. فإن معالجة هذه الأزمة ليست قضية سورية وحسب.. وليست قضية إقليمية وحسب.. بل ينبغي أن تكون قضية دولية.. وخصوصاً بالنسبة إلى أوربا، وبالأخص بالنسبة إلى إيطاليا والفاتيكان.

وفي رد سيادته على سؤال بخصوص تركه السلطة إذا كان المقابل حصول الشعب على السلام والاستقرار، قال الرئيس الأسد: هذا يعتمد على ماهية ال(إذا).. إذا كان تركي للمنصب سيجعل الأمور أفضل.. فجوابي ببساطة شديدة ودون أي تردد هو: نعم.. لكن السؤال: هل سيكون الوضع أفضل؟ هذا سؤال آخر.. بالنسبة إليّ.. كرئيس.. حتى الآن ينبغي أن أكون في موقعي.. لأنه عندما يكون المرء وسط عاصفة، لا ينبغي أن يتخلى عن السفينة.. لا يتخلى عن موقعه ويترك بلده وسط العاصفة.. مهمتك هي أن توصل السفينة  إلى شاطئ الأمان.. مهمتك هي أن تأخذ بلدك  إلى شاطئ الأمان.. لا أن تتخلى عن السفينة وعن الشعب السوري. وأضاف الرئيس الأسد: الحوار السياسي مهم جداً لمناقشة مستقبل سورية والنظام السياسي. الأمر الثاني.. هو وقف العنف بوقف تهريب وإرسال الإرهابيين من خارج سورية، ووقف الدعم المالي، ووقف تزويدهم بالأسلحة وبجميع أشكال الدعم اللوجستي.. هذا لأننا إذا لم ننجح هنا.. فلن ننجح في الجزء السياسي المتعلق بحل المشكلة.. هذا أولاً.. ثانياً.. بعد حل هذه المشكلة.. وفيما يتعلق بي شخصياً.. الوسيلة الوحيدة هي صناديق الاقتراع.. لأنها الطريقة الوحيدة التي يعبّر بها الشعب السوري عن رأيه حيال الشخص الذي يريده.. وبالنسبة إليّ.. فإني سأمتثل لرغبة الشعب السوري.. ليس هناك طريقة أخرى في أي بلد في العالم.. هذا الأمر لا يتوقف على قرار أي مجموعة بعينها في سورية.. إنه قرار كل مواطن سوري.

وعما إذا كان سيادته سيشارك في انتخابات عام .2014. قال الرئيس الأسد: إذا شعرت قبل الانتخابات أن الشعب السوري يريدني أن أترشح.. فسأترشح، وإذا شعرت أنه لا يرغب في ذلك فإني لن أفعل.

وعن الأوّليات المستقبلية قال الرئيس الأسد: أعتقد أن الشيء الوحيد الذي يمكنني أن أقوله الآن هو أنه لم يترك لنا سوى خيار واحد، وهو أن ندافع عن بلدنا.. علينا أولاً أن نركز على التخلص من الإرهابيين.. وإرهابهم وأيديولوجيتهم. ثانياً.. حتى إذا تجاوزنا هذه الأزمة.. فهناك الكثير من الأشياء التي علينا أن نعالجها بعد الأزمة.. وما ستتركه هذه الأزمة.. وخصوصاً التبعات النفسية والأيديولوجية والاجتماعية في هذا المجتمع.. إذاً لدينا الكثير من العمل، لكن يمكنني القول بثقة إن بوسعنا أن نجعل سورية أفضل بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة.

العدد 1107 - 22/5/2024