حزب العمل الكوري… و68 عاماً من النضال

تحتفل جمهورية كوريا الديمقراطية الصديقة في 10/10/ 2013 بالذكرى 68 لتأسيس حزب العمل الكوري، الذي تأسس عام 1945 بمبادرة من الزعيم الراحل كيم إيل سونغ، وقاده بعد ذلك الرئيس كيم جونغ إيل.

صحيفة (النور) تبارك للأصدقاء الكوريين قيادة وحزباً وشعباً هذه الذكرى، وتقدم لمحة موجزة عن نضال الشعب الكوري الصديق، ومآثره في الوقوف ضد العدوان الإمبريالي الأمريكي، وسعيه لتحقيق المجتمع الاشتراكي.

حزب العمل الكوري حزب ثوري للطبقة العاملة، وحزب جماهيري، يمد جذوره بعيداً في أوساط جماهير الشعب العامل، وبضمنهم العمال والفلاحون والمثقفون، وقد ضم المناضلين التقدميين الذي يكافحون بنكران الذات من أجل انتصار قضية الاشتراكية.

يمثل حزب العمل الكوري مصالح الأمة الكورية والشعب الكوري.

يعد حزب العمل الكوري منظمة سياسية بأرقى شكل بين كل المنظمات السياسية لجماهير الشعب العامل، ومنظمة سياسية قيادية للمجتمع، تقود كل ميادين السياسة والشؤون العسكرية والاقتصاد والثقافة وغيرها، على نحو موحد.

يناضل حزب العمل الكوري من أجل إكمال قضية الرئيس كيم إيل سونغ والقائد كيم جونغ ايل، وانتصار قضية زوتشيه الثورية.

هدفه الراهن هو بناء الدولة الاشتراكية القوية والمزدهرة في الشطر الشمالي من الجمهورية، وتنفيذ مهام الثورة الديمقراطية للتحرر الوطني على نطاق البلاد كلها، وهدفه النهائي هو إنجاز استقلالية جماهير الشعب تماماً، عن طريق تحويل المجتمع كله على هدى تعاليم الزعيمين كيم إيل سونغ وكيم جونغ إيل.

بعد إجراء الاستعداد التام لتأسيس الحزب، عقد في بيونغ يانغ مؤتمر تأسيس الحزب في يوم العاشر من تشرين الأول عام ،1945 فشكل لجنة التنظيم المركزية للحزب الشيوعي في شمالي كوريا، بكونها جهاز القيادة المركزي للحزب، وأعلن تأسيس الحزب على الملأ.فيما بعد، أصبح الحزب الشيوعي حزب العمل في شمالي كوريا بدمجه مع الحزب الديمقراطي الجديد في آب عام ،1946 وتطور  إلى حزب العمل الكوري عن طريق دمج حزبَيْ العمل في الشمال والجنوب في عام 1949.

في يوم الثامن من شباط عام ،1948 عزز الرئيس كيم إيل سونغ الجيش الثوري الشعبي الكوري، وطوره  إلى جيش شعبي كوري، بكونه قوات مسلحة ثورية نظامية، بناء على أساس الاستعداد الدقيق لذلك.

عقد الرئيس الاجتماع المشترك لممثلي الأحزاب والمنظمات الاجتماعية في شمال كوريا وجنوبها في نيسان عام ،1948 والاجتماع التشاوري لقادة الأحزاب والمنظمات الاجتماعية في شمال كوريا وجنوبها في حزيران من العام نفسه. وطرح مشروعاً لتشكيل الهيئة التشريعية العليا لعموم كوريا عن طريق إجراء الانتخابات العامة في شمال كوريا وجنوبها لإقامة الحكومة الموحدة بتطبيق دستور الجمهورية الديمقراطية الشعبية.حسب ذلك، تأسست جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في يوم التاسع من أيلول عام ،1948 بحيث أصبح الشعب الكوري شعباً ذا كرامة يصوغ مصيره بصورة مستقلة بكونه سيداً للدولة والمجتمع لأول مرة في التاريخ، واستطاعت كوريا أن تنطلق  إلى المسرح الدولي بكل جدارة كدولة مستقلة أبية ذات سيادة.

طبقت في مناطق كوريا الشمالية المحررة الإصلاحات الديمقراطية بنجاح، مثل قانون العمل لضمان الحقوق الديمقراطية للشغيلة من كل النواحي، وقانون المساواة بين الجنسين لتحرير النساء اجتماعياً،  إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية مثل الإصلاح الزراعي وتأميم الصناعات الهامة. واتخذت إجراءات مختلفة من أجل نشر الديمقراطية في مجالات العدل والنيابة العامة والتعليم والثقافة، تحت قيادة الرئيس كيم إيل سونغ.كما جرت الحركات الجماهيرية النشطة مثل حركة التعبئة الفكرية العامة لبناء الوطن، وحركة المباريات لزيادة الإنتاج، وحركة محو الأمية بعنفوان، بحيث صُفيت رواسب الأفكار البالية التي كانت تقيد استقلالية الجماهير العاملة والتخلف التقني والثقافي ودفع عجلة بناء كوريا الديمقراطية الجديدة بنجاح.

وبسبب الغزو المسلح للإمبرياليين الأمريكيين في يوم 25 من حزيران عام ،1950 توقف البناء السلمي في كوريا مؤقتاً، وصار الشعب الكوري يعاني المصاعب القاسية.

زج الإمبرياليون الأمريكيون في هذه الحرب بأعداد هائلة تنوف على مليونَيْ نسمة من ثلث قواتهم البرية، وخمس قواتهم الجوية، وأغلبية أسطولهم الباسفيكي، وحتى جيوش 15 دولة دائرة في فلكهم، والجيش الكوري الجنوبي وفلول الجيش الياباني السابق.بيد أن جمهوريتنا في ذلك الحين، لم تمض إلا سنتين على تأسيسها وتطوير الجيش الشعبي الكوري  إلى قوات مسلحة نظامية، وكانت قدرتها الاقتصادية أيضاً ضعيفة جداً.

انطلق أفراد الجيش الشعبي الكوري كرجل واحد  إلى الحرب المقدسة لأجل حماية حرية الوطن واستقلاله، وانتقلوا  إلى الهجوم المعاكس ساحقين العدو. وبالنتيجة، حرر الجيش الشعبي البطل أكثر من 90 بالمئة من أراضي الشطر الجنوبي، وأكثر من 92 بالمئة من سكانها في غضون شهر واحد ونصف فقط منذ اندلاع الحرب، وطبقت في تلك المناطق المحررة الإصلاحات الديمقراطية مثل الإصلاح الزراعي.

على الرغم من أن الإمبرياليين الأمريكيين لجؤوا  إلى شتى أنواع وسائل الحرب وطرقها الأشد وحشية والتي لا مثيل لها في تاريخ الحرب العالمية، وهم يبذرون المبالغ الهائلة من النفقات العسكرية والأعتدة الحربية الكثيرة، لم ينجوا من الهزيمة العسكرية والسياسية والأخلاقية التي لا رد لها مع مرور الأيام، ومنوا بالهزائم المتكررة في العمليات والمعارك.

فاضطروا أخيراً  إلى التوقيع على اتفاقية الهدنة في يوم 27 تموز عام ،1953 راكعين أمام قوة الشعب الكوري والجيش الشعبي الكوري، مما أدى  إلى انتهاء حرب التحرير الوطنية التي دامت ثلاث سنوات بانتصار عظيم للشعب الكوري.

في غضون هذه الحرب، ألحق أفراد الجيش الشعبي الكوري بالأعداء خسائر بلغت أكثر من مليون و567 ألف قتيل وجريح وأسير، ومنهم 405 آلاف ونيف من الجنود المعتدين الأمريكيين، وغنموا ودمروا أكثر من 200,12 طائرة، و560 سفينة حربية بشتى أنواعها، و3250 دبابة ومدرعة،

و13000 عربة، و7695 مدفعاً من مختلف العيارات وغيرها من الأعتدة القتالية والتقنية.كانت خسائر الإمبرياليين الأمريكيين هذه تضاهي 3,2 مرة تقريباً لتلك الخسائر التي منوا بها طوال أربع سنوات في الحرب الباسفيكية من الحرب العالمية الثانية.

إعادة الإعمار والبناء لما بعد الحرب وبناء الاشتراكية

كانت أضرار الحرب في كوريا فادحة جداً.. ذلك لأن الإمبرياليين الأمريكيين ألقوا نحو 18 قنبلة على كل كيلومتر مربع من أراضي الشطر الشمالي من الجمهورية، حتى تحولت المدن والأرياف إلى أكداس من الرماد. دُمّرت كل قطاعات الاقتصاد، فضلاً عن المصانع والاقتصاد الريفي والنقل بالسكك الحديدية، والمرافق التعليمية والثقافية والصحية تدميراً تاماً. فقد الناس بيوتهم وأدوات حياتهم كلها تقريباً، ونقصتهم الأغذية والملابس  إلى حد كبير.

رأى الرئيس أن الصناعة الثقيلة حلقة أساسية لحل كل المسائل المطروحة في إعادة الإعمار والبناء لما بعد الحرب بنجاح، وأوضح الخط الرئيسي للبناء الاقتصادي، الخاص بإعطاء الأوّلية لتنمية الصناعة الثقيلة. وفي الوقت نفسه تطوير الصناعة الخفيفة والزراعة.وحرص على أن يركز الاقتصاد الريفي قوته على إنتاج الحبوب من أجل حل مسألة الغذاء الملحة في أسرع وقت ممكن، مع تحويل الاقتصاد الفلاحي الفردي  إلى شكل التعاون الاشتراكي في آن واحد.

بادر الرئيس كيم إيل سونغ  إلى إحداث النهضة الكبرى في البناء الاشتراكي، وحث جميع أبناء الشعب على أن يتغلبوا على كل المحن والمصاعب التي تحف بطريق نضالهم بجرأة. أوجد أفراد الطبقة العاملة والشغيلة الاحتياطيات الكامنة، وخاضوا النضال لزيادة الإنتاج والتوفير  إلى أقصى حد، مظهرين درجة عالية من الروح الثورية للاعتماد على النفس والمثابرة في النضال الشاق، تحت شعار (لنتقدم  إلى الأمام) الذي طرحه الرئيس، بحيث أبدعوا معجزات وتجديدات تدهش العالم في كل ميادين البناء الاشتراكي.جرت في كل القطاعات والوحدات من الاقتصاد الوطني، حركة خلق (سرعة الثمانينيات) القوية بغية تحقيق الأهداف العشرة المستقبلية الضخمة لبناء الاقتصاد الاشتراكي، التي طرحها المؤتمر السادس لحزب العمل الكوري قبل الموعد المحدد، وتمجيد الثمانينيات من القرن الماضي كعقد للمآثر في البناء الاشتراكي.

دفاعاً عن الاشتراكية

في عام 1994 رحل الرئيس كيم إيل سونغ، فانتهزت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الفرصة وشددت هجومها العسكري على كوريا بصورة غير مسبوقة من جهة، ومن جهة أخرى سعت بجنون  إلى خنقها وهي تفرض عليها الضغوط العنيدة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية والدبلوماسية. وأسوأ من ذلك حلت بها الكوارث الطبيعية المدمرة، فصار الشعب الكوري يعانى أزمات الحبوب والوقود والطاقة، مما اضطره إلى المضي في المسيرة الشاقة الحثيثة.

في ظروف بناء الاشتراكية وسط تهديدات الإمبرياليين العسكرية وفي حصارهم، أعطى القائد كيم جونغ إيل الأوّلية للشؤون العسكرية، وحدد الجيش الشعبي قوة رئيسية للثورة، وحرص على أن يكون قدوة للمجتمع في كل الأعمال، ويفتح منفذاً في مقدمة بناء الاقتصاد الاشتراكي.

وجرت حركة قوية تشمل الجماهير كلها من أجل حل مسألة الطاقة الكهربائية فأنشئت المحطات الكهربائية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة الحجم.. وحدثت في قطاع الزراعة تحولات جديدة وفاء لخطط الحزب الخاصة بإحداث التحول العظيم في علم البذور وزراعة البطاطا، وزراعة المحصولين في السنة.تحولت الأراضي من البنية الإقطاعية  إلى حقول قياسية كبيرة الحجم على نطاق البلاد كلها، وأكملت مشاريع قنوات المياه الكبيرة على شكل المجاري الطبيعية بحيث يمكن تعميم الري في الريف على المستوى الأعلى. بني عدد كبير من المزارع لتربية المواشي والأسماك ومصانع الدواجن المجهزة بالتكنولوجيا الرائدة. ودُفعت عجلة تحديث قطاعات صناعة الحديد والفولاذ بقوة، وبُني كثير من مصانع الصناعة الخفيفة مثل مصانع الأغذية الحيوية، وأعيد بناؤها في كل أرجاء البلاد على أساس التكنولوجيا الحديثة.مهد الشباب طريق الشباب الأبطال (طريق سريع ما بين بيونغ يانغ ونامبو)، بطول 40 كيلومتراً، مما أظهر الروح البطولية للشباب الكوريين أمام العالم.حقق العلماء والتقنيون نجاحات مدهشة في مختلف الميادين، مثل العلوم الأساسية وعلم الأحياء والهندسة المعلوماتية، ونجحوا في إطلاق القمرين الصناعيين والاختبارين النوويين، فأظهروا للملأ جبروت كوريا الديمقراطية.

العصر الجديد لقضية بناء الدولة القوية المزدهرة

كان رحيل القائد كيم جونغ إيل فجأة في يوم 17 من كانون الأول عام ،2011 من أكبر الخسائر في تاريخ الأمة الكورية.. فالقائد كيم جونغ إيل مفكر ومنظر بارز، وأقدم سياسي، نادر بأفكاره ونظرياته العميقة. وكان وطنياً فذاً، زركش حياته الثورية بالروح المتفانية السامية للوطن والشعب.

واليوم يقف المارشال المحترم كيم جونغ وون المواصل لمآثر الرئيس كيم إيل سونغ والقائد كيم جونغ إيل من حيث الفكر والقيادة والشيم والفضائل.

يحظى كيم جونغ وون اليوم بالتأييد والثقة المطلقة من حزب العمل الكوري والجيش والشعب، ويضطلع بالمناصب الهامة للأمين الأول لحزب العمل الكوري، والرئيس الأول للجنة الدفاع الوطني لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، والقائد الأعلى للجيش الشعبي الكوري، ويحمل لقب مارشال جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.

في الدورة السادسة لمجلس الشعب الأعلى الثاني عشر، المنعقدة في شهر أيلول عام ،2012 اتخذ قانون (حول تطبيق التعليم الإلزامي العام لاثنتي عشرة سنة)، تجسيداً لمحبته للأجيال القادمة والمستقبل.

إن النجاح في إطلاق القمر الصناعي (كوانغميونغسونغ رقم 3 -2) في 12 كانون الأول عام ،2012 أوضح بجلاء أن كوريا التي دخلت طريق بناء الدولة الاشتراكية القوية، ستستقبل عصراً زاهراً من الازدهار في المستقبل القريب.

سوف يمضي الشعب الكوري في النضال القوي من أجل فتح طريق فسيح لبناء الدولة الاشتراكية القوية والمزدهرة في القرن الحادي والعشرين، رافعاً عالياً الراية الحمراء للثورة بالإيمان الثابت بالنصر الأكيد، وهو يشاطر المارشال المحترم كيم جونغ وون الغايات والمصير.

العدد 1105 - 01/5/2024