واشنطن بوست: «سي آي إيه» تدرّب سراً مقاتلين سوريين «معتدلين»

ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) تعكف على توسيع برنامج سري لتدريب مسلحي المعارضة السورية، في ظل المخاوف من احتمال أن يفقد المسلحون (المعتدلون) المدعومون أمريكياً السيطرة في الصراع الدائر في سورية، في مواجهة المقاتلين الإسلاميين المتشددين.

ونقلت (واشنطن بوست) عن مسؤولين أمريكيين قولهم: إن (سي آي إيه) توسع أنشطتها السرية لتدريب عناصر معارضة للقتال في سورية، وذلك بعد الخسائر المتلاحقة التي منيت بها تلك العناصر على أرض الميدان.

وأفاد المسؤولون الأمريكيون أن البرنامج السري للوكالة لا يزال ضمن نطاق ضيق، إذ من المتوقع أن يشمل بضع مئات من المقاتلين كل شهر، حتى بعد توسيعه، وبالتالي فإن هذا الأمر لن يقدم الكثير للمقاتلين (المعتدلين) الذي بدأ نجمهم يخفت أمام سطوة المتشددين الإسلاميين، الذين تربط معظمهم علاقات وثيقة بتنظيم (القاعدة).

وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن مهمة الوكالة حددتها الإدارة الأمريكية الساعية لايجاد حل سياسي للأزمة السورية.

وبناء عليه، فإن السيناريو يقوم على فكرة ألا يكون هناك رابح حقيقي على الأرض، وأن يقتصر نشاط ال(سي آي إيه) على دعم الميليشيات (المعتدلة)، حتى لا تخسر، ولكن هذا الدعم لا يستهدف تمكين تلك الميليشيات من تحقيق مكاسب.

وبحسب (واشنطن بوست) فإن الاستخبارات الأمريكية أرسلت في الأسابيع الأخيرة فرقاً شبه عسكرية إضافية إلى قواعد سرية في الأردن، وذلك بهدف مضاعفة عدد المقاتلين الذين يتلقون التدريب والتسليح من الوكالة المركزية، قبل إرسالهم إلى سورية.

وتفيد المعلومات بأن الاستخبارات الأمريكية دربت في العام الماضي أقل من ألف مقاتل.

ويعود السبب في ضعف البرنامج التدريبي هذا إلى عوامل عدة، من بينها قلة التمويل وتردد المقاتلين في مغادرة سورية لتلقي الأوامر من القيادة الأمريكية، إضافة إلى القيود التي فرضها الأردن على الوجود شبه العسكري الأمريكي على أراضيه.

ولكن هذا الضعف يعكس أيضاً، بحسب (واشنطن بوست)، توتراً في استراتيجية إدارة الأزمة من فريق الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

وتحدثت (واشنطن بوست) عن حجم الإحباط الذي أصاب وكالة الاستخبارات المركزية، بسبب القيود المفروضة على البرنامج. وقال منفذون لهذا البرنامج في الأردن: (يطلب منا أن نقوم بشيء من لا شيء).

علاوة على ذلك، تواجه الاستخبارات الأمريكية صعوبة بالغة في انتقاء المقاتلين (المعتدلين) في صفوف المعارضة السورية المسلحة، وذلك بسبب انضمام الكثيرين من عناصرها مؤخراً إلى التنظيمات الإسلامية، التي (تقاتل جيداً)، ومن بينها تنظيما (الدولة الإسلامية في العراق والشام) (داعش) و(جبهة النصرة) اللذان يحتضنان مقاتلين متمرّسين اكتسبوا خبرة واسعة في العراق، ونفذوا عمليات عالية المستوى ضد النظام السوري. كذلك تواجه الوكالة تشكيكاً متزايداً من المعارضة المسلحة السورية بشأن مدى الالتزام الأمريكي. فالولايات المتحدة أقرّت حديثاً بتزويد المعارضة بالسلاح، لكن شحناتها اقتصرت على السلاح الخفيف المتوفّر أصلاً بغزارة على أرض الميدان، كما أنها امتنعت عن توجيه ضربة عسكرية ضد دمشق.

وبالنسبة إلى (سي آي إيه)، فثمة عراقيل عدة قد تشل عملها في سورية، وهي عراقيل لم تختبرها في حربَيْ العراق وأفغانستان أو مناطق أخرى مثل باكستان واليمن.

تختتم الصحيفة تقريرها بتعليق من أحد المسؤولين: (لن يرحمنا أحد إذا فشلنا. سنخضع لاستجواب من الكونغرس، ولن يربح أحد منا).

العدد 1105 - 01/5/2024