التدخل الحكومي نريده أكثر فاعلية

حين شكل مجلس الوزراء لجنة عليا برئاسة رئيس المجلس وعضوية عدد من الوزراء لإدارة الشأن الاقتصادي في هذه المرحلة الاستثنائية، توقعنا أن يؤدي ذلك إلى تحسين الأداء الحكومي في معالجة حالة الركود الاقتصادي الذي تعانيه البلاد بسبب تداعيات الأزمة التي تعصف بها، والحصار الاقتصادي الذي فرضته قوى التحالف الأمريكي الأوربي الخليجي التركي.

إن أسباب ركود الاقتصاد السوري في هذه المرحلة ليست ظواهر اقتصادية بحتة، تتعلق بضعف الطلب الكلي، أو التضخم المحلي أو المستورد، أو تراجع قيمة العملة المحلية، بل تعود إلى أسباب سياسية بحتة، تعبّر عن الترابط الوثيق بين السياسة والاقتصاد. فدون إيجاد حل سياسي توافقي للأزمة التي تعصف بنا يوقف نزيف الدماء، وتخريب المنشآت الاقتصادية، وقطع الطرق الدولية، وحرق المرافق الاستراتيجية، وينهي حالة الحصار، لن يعود الاقتصاد السوري إلى الانتعاش. وكل ما ستفعله اللجان الحكومية هو الإدارة الحكيمة للموارد المتاحة، والحرص على استمرار عمل القطاعات الإنتاجية الوطنية بهدف تلبية الطلب المحلي ومحاولة تأمين بدائل المواد المستوردة، وضمان حصول فئات الشعب المختلفة على المواد الأساسية، وخاصة السلع الغذائية والمشتقات النفطية بأسعار تتناسب مع تراجع مداخيلهم، ووقف جشع أثرياء الأزمات والطفيليين وحيتان الأسواق الذي لا يعرف حدوداً.هذا ما طالبنا الحكومة بتحقيقه في المرحلة الحالية.

لكن استمرار معاناة الناس، بل تفاقم بعض المشكلات التي يواجهونها، كمشكلة الحصول على الخبز والمازوت والغاز، وغياب النقل العام، والارتفاع اليومي لأسعار العديد من السلع، والتراجع المخيف للأجور الحقيقية للعاملين في القطاعين العام والخاص، جعل عمل جميع اللجان الحكومية موضع تساؤل.

لايكفي أن تعلن الحكومة عن توفر الطحين والمازوت بكميات تكفي الاستهلاك الداخلي لفترات قادمة، فهي لن تلبي طلب المواطنين إذا لم تنقل من مستودعاتها، وتوزع بعدالة ويسر إلى محتاجيها.كذلك لايكفي وضع الخطط لدعم الصناعة الوطنية إذا لم تصبح المناطق الصناعية في المدن آمنة..ومستقرة. وكيف نلجم ارتفاع الأسعار ونعلن في ذات الوقت عن رفع سعر مادة البنزين، الذي سيؤدي- حسب تجاربنا السابقة- إلى ارتفاع غير محدود لأسعار جميع السلع؟ ندرك صعوبة الأوضاع..لكننا نطالب بتدخل أكثر فاعلية للحكومة، دون اللجوء إلى الحلول (السهلة) كرفع الأسعار.

أخيراً.. لنعمل على تعميم تجربة الأسواق الشعبية.. هذه الأسواق التي تجمع المنتجين والمستهلكين دون المرور بالوسطاء.. والسماسرة.. والحيتان.

العدد 1104 - 24/4/2024