رأي حول تعديل قانون الأحوال الشخصية المرتقب

 

الأولوية للتعديل تبدأ من الدستور الذي هو الأساس، فإذا كان الدستور الذي هو الأصل لجميع التشريعات قد عُدّل مؤخراً وجرى التأكيد فيه أن الفقه الإسلامي ومبادئ الشريعة الإسلامية تبقى أساساً للتشريع، يغدو تعديل أي قانون خاص من باب الهراء ليس أكثر.

حيث أنه لا يمكن البدء بالتعديل لأي قانون خاص مالم ينص الدستور الذي هو القانون الأعلى على أن يسود قانون أسرة مدني موحّد كل الطوائف والطبقات الاجتماعية، بغض النظر عن الدين والسياسة، وإبعاد سلطة وتسلط رجال الدين عن الحياة اليومية للمواطن السوري تمهيداً لإبعاد فتاواهم المتناقضة التي هي أساس النعرات والفتن الطائفية في البلاد وأساس الانقسام الطبقي في المجتمع.

فتعديل قانون الأحوال الشخصية خطوة جيدة نوعاً ما، لكنها ليست كافية، لأنها جزء من كل لابد له أن يكتمل ليكتمل معه هذا الجزء، وتعديله يجب أن يقتصر على الطائفة المتعلقة به ولا يمتد إلى المواطن أو المواطنة السورية من الطوائف الأخرى فيشملها بأحكامه، فإذا ما أردنا تطبيق مبدأ المواطنة المنصوص عليه في الدستور السوري بالفعل لا بالقول والنص فقط، علينا أن نضع القوانين التي تستمد موادها من الشرائع السماوية جانباً وأن نقتصر فقط لطائفتها كل ما يتعلق بها من أحكام خاصة، في حال أراد الفرد أو المواطن الاحتكام لها،

لكن حان الوقت أن يكون لنا قانون مدني موحد للجميع، أساسه وجوهره تطبيق مبدأ المواطنة بين جميع أفراد الشعب، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو القومية أو أي اختلاف آخر.

وهذا القانون لا يمكن أن يسود في ظل دستور متناقض بمواده وملتزم باحتكامه لمواد وتشريعات سماوية ، لهذا فإن تعديل قانون الأحوال الشخصية من عدمه لا فائدة له على صعيد الدولة، إذا كنا نفكر في دولة مدنية تسعى لمواطنة حقيقية.

فقبل قانون الأحوال هناك قانون العقوبات ومواد العار فيه، من جريمة الشرف إلى مماثلاتها التي تجعل المرأة وكأنها شيء مملوك للرجل وللمجتمع وليست كياناً مستقلاً بذاته، إلى جرائم الاغتصاب التي لاتسمح للفتاة أن تبوح بها فتُقتل من ذويها غسلاً للعار….إلخ، وكلها نتاج عادات وتقاليد بالية ومتخلفة مغطاة بستار ديني للشرعية لا غير، ولإبقاء الرجل الذكر هو العنصر المسيطر الأول والأخير.

فالتغيير الحقيقي هو تغيير متكامل..

العدد 1107 - 22/5/2024