أين هي الديمقراطية؟

أُعلنت نتيجة محاكمة الشاعر والكاتب القطري الذي حكمت عليه المحكمة القطرية منذ عدة شهور بالسجن المؤبد مدى الحياة، وذلك لكتابته مقالة عن الربيع العربي والتحولات الأخيرة التي جرت في المنطقة العربية، وانعكاساتها المستقبلية على دول الخليج وأمرائه وملوكه.

وبعد تقديم الاستئناف والطعن بالحكم، أعلنت المحكمة العليا القطرية حكمها على الكاتب القطري بالسجن مدة 15 عاماً.

هنا أتوجه بالسؤال إلى السلطات القطرية، المدافعة عن الحرية والديمقراطية في المنطقة العربية، والداعمة لكل أنواع التمرد والفوضى والإرهاب في الساحات المتوترة: هل من المعقول أن تحكم على كاتب قطري، لمجرد أنه كتب مقالة عن الربيع العربي، وهو في الوقت نفسه يؤيد الموقف القطري، ولكنه يضيف تحليله الخاص وانعكاساته على منطقة الخليج؟ أين هي منظمات حقوق الإنسان، وهيئات المجتمع المدني، ودعاة الحرية والديمقراطية في العالم، واتحاد الكتّاب العرب والعالمي واتحاد الصحفيين، وما غير ذلك من المنظمات الدولية والمحلية والعربية التي تدّعي المدافعة عن حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير.

كذلك أتوجه، بشكل خاص، إلى المدافعين عن حرية الرأي والصحافة والمجتمع المدني الموجودة في الداخل السوري وخارجه، لم نسمع حتى اليوم أي مطالبة أو استنكار للحكم الجائر، أو أي حملة تضامن مع هذا الكاتب.. أما عندما يوقف صحفي أو محام أو طبيب أو أي إنسان عادي، وتكون ميوله إلى جانب المعارضة وضد النظام، عندئذ نرى كثرة الأقلام، وخاصة ممّن كانوا يسمون أنفسهم بالماركسية واليسارية والتقدمية، بالاستنكار وحملات التضامن، وتقليب الدنيا والأرض. وكيف لو كان هذا الكاتب هو من الصف المعارض السوري؟ كيف سيكون التعامل، وصدى ذلك عليكم، وحملات التهويش والمطالبة بأبسط القيم الديمقراطية والحرية التي يتبجحون بها؟!

بربكم، ألا يستحق هذا الكاتب القطري، على الأقل، حملة تأييد واستنكار للحكم الجائر والمطالبة بإطلاق سراحه فوراً؟ وهل الديمقراطية والحرية تقاس بمقياسين؟ لقد جرت عدة حوادث خلال هاتين السنتين، وتعرض الكثير من الصحفيين والكتاب ورجال الفكر لحملات تعسفية، واستشهد البعض من الموالاة والمعارضة، ولكن ردة الفعل لدى بعض الأقلام المشتراة التي تكتب فقط وتستنكر بقرار من الشاري والسيد ظلت محدودة.

أإلى هذا الحد والمستوى المنحط وصلت مواقف العديد من الصحفيين والكتاب ورجال العلم والثقافة والفنانين وغيرهم من الفعاليات، الانبطاح مقابل حفنة من الدولارات ولم يعد للقيم والأخلاق أي دور عندهم؟

نترك للتاريخ محاسبة هذه الأقلام المزيفة.. وبهذه المناسبة نطالب السلطات القطرية بالإفراج الفوري عن الكاتب القطري، والحد من المس بالأقلام الوطنية والشريفة.

العدد 1105 - 01/5/2024