ربيع عربي في أوكرانيا

للرجوع إلى بداية الإحداث في أوكرانيا والمظاهرات التي بدأت منذ نهاية العام الماضي، نتذكر بالضبط إعادة السيناريو السوري، والمنظم واحد والمعلم واحد والممول واحد!

فمنذ الأيام الأولى لاضطرابات أوكرانيا، فاحت رائحة البترودولار السعودي والقطري، وحسب أقوال من قبض منذ اليوم الأول وشهاداته، أن تسعيرة ساعة التظاهر كانت مايعادل 25 دولاراً، و18 دولاراً للطلاب الدارسين هناك وخاصة من الأجانب.. إضافة إلى الطعام والشراب والدخان الذي وُزّع بسخاء على المتظاهرين..

بدأت بالترويج بأنها سلمية، وعندما طرح رئيس البلاد تحديد انتخابات مسبقة، وبعد الإصلاحات، بدأ التصعيد وأصبحت المطالبة بإسقاط الحكومة. أما مايتعلق بالتدخل الاستفزازي للغرب وأمريكا في الشؤون الداخلية، فمنذ الأشهر الأولى قاد سفير أمريكا بسورية في مدينة حماة مظاهرة  ضد السلطة، ورشق بالورد ورفع المتظاهرون سيارته، وفي أوكرانيا منذ الأيام الأولى زحف ممثلو الناتو، على مستوى وزراء خارجية بعض الدول الأوربية ومعاونة وزير الخارجية الأمريكي، والتقوا مع المتظاهرين في الشوارع، وقدموا لهم الدعم المعنوي والمادي للاستمرار في التظاهر والمطالبة بإسقاط الحكومة وتنفيذ المخطط الغربي – الأمريكي للقضاء على وحدة الدولة والشعب الأوكراني. بعد ذلك السؤال الذي يُطرح: كيف تدخل المسلحون الشيشان وغيرهم من الإرهابيين، وبدؤوا بإطلاق النار على المتظاهرين ورجال الشرطة ومكافحة الشغب، وذلك لعسكرة التظاهر وتأجيجه ودفعه إلى المكان المخطط والمرسوم له؟!

والأغرب من ذلك وجود القناصين الإرهابيين من الشيشان وغيرهم على أسطح البنايات العالية، وحرق مؤسسات الدولة وتكسيرها، وتخريب العدد الأكبر منها، ودبّ الخوف والذعر بين المواطنين الأوكران.

وليفسر لي أحد ماسبب رفع علم المعارضة السورية من قبل المسلحين الشيشان وغيرهم داخل صفوف المتظاهرين، إضافة إلى ذلك تشويه المظاهرات ونقل الصورة الخاطئة عنها وسببها والعدد الذي لم يتجاوز العشرة آلاف متظاهر في كل أنحاء أوكرانيا.. وكذلك استخدام التعابير نفسها التي استخدمت فيما يسمى بالربيع العربي، وذلك عندما قدم استقالاتهم بعض النواب والوزراء، فوراً بدأ الإعلام المغرض والممول بالإعلان عن الانشقاقات عن الدولة والالتحاق بالمعارضة.. الهدف الأول والرئيسي لكل ذلك هو خلق نوع من الفوضى وإلهاء الإدارة الروسية، نتيجة فشل الأمريكان والغرب وانهزامهم في معالجة الأزمة السورية.. وأصبح كل من الأمريكي والأوربي (يتباكى) على الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوربي! وعندما طرح الرئيس إجراء انتخابات مبكرة وأن يترك للشعب أن يختار ممثليه إلى البرلمان وانتخاب الرئيس، وإجراء استفتاء شعبي يتعلق بموضوع الشراكة مع الاتحاد الأوربي، كان الرد من المعارضة المزيد من التصعيد والقتل والدمار والتخريب، حتى أصبح القتلى بالعشرات.

هذا هو السيناريو في أوكرانيا الذي يتم الشغل عليه بمحاذاة الوضع السوري وتأزيمه.. إلا أن وعي القوى الوطنية الأوكرانية وتكاتفها وتضامنها، بطلائعها وأحزابها التقدمية وفعالياتها الواعية، ستحبط المخطط الأمريكي الغربي لتفتيت الدولة الأوكرانية، ومن خلاله محاولة المس بسيادة الدولة الروسية.

نعم، ستدمر كل مخططاتكم ومشاريعكم التآمرية والإرهابية في أوكرانيا وسورية ومصر وبقية الدول، وستنتصر إرادة الشعوب الواعية والوطنية، ويتم القضاء على الإرهاب والتطرف في العالم.

العدد 1107 - 22/5/2024