سورية متجددة دون فساد

رغم تشديد رئيس مجلس الوزراء على أهمية الشفافية في تطبيق برنامج تشغيل الشباب، وطلبه إلى جميع الوزراء ضرورة الإشراف الشخصي على مسابقات المتقدمين، واختيار الأكفاء منهم، زكمت رائحة الفساد الأنوف، وتوالت الفضائح بالظهور في العديد من الجهات الرسمية. وتبين أن الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا، وشدة معاناة الجماهير الشعبية من أجل تأمين مقومات البقاء والصمود، مارست تأثيرها في تغيير الكثير من الظواهر الاجتماعية والاقتصادية، لكنها وقفت عاجزة أمام معضلة الفساد.. والتكسب.. والرشا.. واستغلال الظروف والنفوذ، مما زاد في معاناة الجماهير الشعبية، وأكد أهمية وضع الفساد و(مشتقاته) على قائمة أعداء الوطن والشعب.

لقد وقف رئيس مجلس الوزراء أمام نواب الشعب، صريحاً معترفاً بأن الفساد تطرق إلى أكثر من مسابقة لتشغيل الشباب، وأن أثرياء الأزمات، وتجار السوق السوداء، وبعض المتواطئين معهم من المتعاملين في أجهزة الحكومة، مسؤولون عن إفشال بعض الإجراءات الحكومية لتأمين المواد الأساسية للمواطن السوري في هذه الأيام الصعبة.. لكننا نتوقع أن يقترح- وهو الواقف على منصة الهيئة التشريعية- حزمة من مشاريع القوانين الجديدة (المجدية) لمحاربة الفساد واستئصاله من حياة السوريين.

المسألة الآن لم تعد تقتصر على الخسائر التي تلحق بخزينة الدولة، ولا بإفشال الخطط والتوجهات الحكومية، ولا بالمليارات المقتنصة من جيوب كادحي شعبنا وفقرائه، بل تتعدى ذلك إلى خيانة الوطن في أشد المعارك التي يخوضها في مواجهة التحالف الدولي المعادي لسورية وشعبها.

لقد أظهرت ظروفنا الصعبة مظاهر جديدة للفساد، لكنها كشفت ضيق صدور السوريين، وعدم قدرتهم على تحمل تأثيراته على حياتهم ولقمة عيشهم ومستقبلهم أيضاً.

فليكن شعار سورية الذاهبة إلى حوارها الوطني بهدف تفكيك أزمتها: (مستقبل بلا فساد)، وليكن حل هذه المعضلة في صلب أوّليات المتحاورين، وعلى رأس المهام الكبرى التي سيتضمنها ميثاقنا الوطني.

العدد 1105 - 01/5/2024