خطوة إيجابية.. ولكن هل تصطدم بقناعات بالية..؟!

يحوي القانون السوري في الكثير من مواده تمييزاً واضحاً ضد المرأة، فعلى سبيل المثال لا الحصر جرائم الشرف وأحكامها المخففة.. وبهدف إزالة ذلك التمييز تشكلت في السنوات السابقة العديد من اللجان لبحث هذا الموضوع، وآخرها اللجنة التي شكلتها وزارة العدل مطلع العام الماضي لدراسة المواد التمييزية في القانون السوري ضد المرأة، والتي توصلت بحسب القاضية آمنة الشماط، رئيسة اللجنة، إلى توصيات، أهمها مقترح بمنح الجنسية السورية لأبناء المرأة السورية المتزوجة من غير سوري، حتى يصبح القانون متوافقاً مع الدستور السوري الذي يؤكد في المادة 33: (المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة)، وأيضاً ألا يتعارض مع الاتفاقيات والمعايير والمعاهدات الدولية.

فالمرأة السورية تعيش معاناة كبيرة في كنف مجتمع ذكوري فاقم بعاداته البالية وعقليته المتخلفة من معاناة المرأة، ويستغل البعض عدداً من المواد القانونية التي تحوي تمييزاً كبيراً، فمثلاً قانون الجنسية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 267 لعام 1969 ظل قضية إشكالية اكتوت بها شريحة كبيرة من السوريات المتزوجات من غير سوري، فانعكس سلباً على حياتهن وحياة أطفالهن، الذين يضطرون إلى (تجديد الإقامة) كل عام، وإلا تعرَّضوا للمساءلة القانونية بمجرد التأخر البسيط، يضاف إليهم حالات الزواج الكثيرة التي حدثت بين صفوف النازحات واللاجئات اللواتي تحولن إلى سبايا، بغض النظر عن الأسباب، وأيضاً مكتومو القيد، حتى أمست القضية إشكالية فعلاً، وأضحت مثار جدل بين العديد من الحقوقيين والاجتماعيين وعدد لا يستهان به من أصحاب هذه المعاناة، وشكلت لها لجان عديدة، ولكن مازال أبناء السورية التي تتزوج من غير سوري أجانب لا يتمتعون بأي حقوق يتمتع بها المواطن السوري، لأسباب كثيرة لا ترقى بمجملها، لأن يمنع هذا الحق عن المرأة السورية، مع الإشارة إلى أن عدم منح الجنسية وعدم التمتع بالحقوق المدنية والسياسية يجعلنا أمام انتهاك صارخ وواضح لحقوق الإنسان، ويشكل خرقاً لقاعدة أخرى من القانون الدولي، التي تنطوي على عدم المساس بحقوق الإنسان، وخاصة أن سورية وافقت على العديد من الاتفاقيات الدولية كـ(سيداو) واتفاقية حقوق الإنسان وغيرهما.

إن قرارات هذه اللجنة هي خطوة إيجابية في وقت تعاني فيه المرأة السورية كثيراً من التمييز بحقها، ولكن نتمنى ألا يكون مصير توصياتها كمصير الكثير من الكتب والدراسات للجان سابقة بقيت أعمالها حبراً على ورق، لعدم قناعة المسؤولين بأهمية التعديل، مع تأكيد أهمية إلغاء التحفظات الحكومية السورية على اتفاقية (سيداو)، للقضاء فعلاً على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

العدد 1107 - 22/5/2024