أمهات بعيدات عن بيوتهن

هو العيد الثالث الذي يمر على الأمهات السوريات وهن خارج دائرة الفرح، هو العيد الثالث الذي يأتي على الأم السورية وهي ترى بعينيها الخراب والدمار يعبث في البلاد ليحولها إلى حطام وصور لأشلاء وضحايا، فمن بين تلك الأمهات من فقدت أحد أبنائها، ومنهن من تنتظر قدوم أحد أبنائها، ومنهن من تخشى على من تبقى من أولادها، لتعيش واقعاً مأساوياً مؤلماً،  لكنه لم يحبط عزيمتهن على العمل دوماً، فتلك الأم العاملة والمربية والمعيلة تقود الأسرة بغياب القائد التقليدي (الذكر)  لتصبح هي شريكة في القيادة، أو في بعض الأحيان هي القائدة الوحيدة الحامية للأسرة والمشرفة عليها بعد غياب الزوج أو الأب، لتصنع بنفسها الفرح أو بديلاً عنه بما تبقى من قوة وحب.. ومن بين تلك الأمهات من غادرت بيتها لتعيش في مكان آخر أكثر أمناً لها ولأسرتها، لكن في قلبها غصّة، فقد تركت البيت الذي طالما سهرت على بنائه وعاشت فيه الحلو والمرّ ، بيت الذكريات واللقاء الأول مع أبنائها، حارتها وجيرانها، أهلها وأحبابها، الحارات والشوارع التي ركض بها الأولاد عندما كانوا أطفالاً، الباب الذي ألصقت عليه خميرة العرس، والعتبة التي مرّت فوقها لتعلن بدء حياتها الجديدة، تفاصيل كثيرة تعيشها كل أم في غيابها عن دارها وحيّها وناسها ، وتمر السنوات بطيئة حزينة مثقلة بالهم، لكن الأم السورية تثبت كل يوم أنها أينما كانت ستنتصر على الألم وعلى الجراح لتعمّر بلاداً من الحب، فكل عام والأمهات جميعهن بألف خير! وكل التحية إلى اللواتي خرجن من بيوتهن وما زال الحلم بالعودة والبناء يدغدغ أحلامهن!

العدد 1105 - 01/5/2024