الاتجاه الحكومي الخاطئ.. الآن ليس وقت رفع أسعار المواد المدعومة

في حالة العجز الواضحة، حكومياً، وانفلات الأسعار في الأسواق، ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة، لا يبدو إجراء رفع أسعار بعض السلع المدعومة صحيحاً، أو أنه يخفف من الضغوط التي ترخي بثقلها على المواطن. وما تتناقله بعض وسائل الإعلام عن مناقشات في أروقة الحكومة، تتعلق بإمكانية رفع أسعار بعض السلع المدعومة، لأسباب مختلفة، هي مناقشات في غير محلها، وطريقة اعتدنا عليها، كلما وجدت الحكومة الفرصة سانحة، لتحريك المياه الراكدة، في الوقت غير المناسب، لسد فجوات العجز المالي لديها بالدرجة الأولى. وليس كما يُنقل بأنها  أي الحكومة  تريد إيصال الدعم لمستحقيه، وتوفير السلع، بغض النظر عن سعرها. وهو ما اعتاد أيضاً بعض المسؤولين الإشارة إليه بأن السلع (متوفرة في الأسواق)، لكن هذا الرأي كان على الدوام يشكل نصف الكأس، وهناك حقيقة أخرى لابد من التعاطي معها، وهي العجز عن شراء سلع ومواد غالية الثمن، في ظل أجور متدنية، ودخول متآكلة.

تجربة رفع سعر بعض السلع الأساسية، لاسيما مواد الطاقة، في الفترة القليلة الماضية، لم تؤدّ إلى حل مشكلة توزيع هذه المواد، ولم تنفع في إيصال المادة إلى كل أسرة، بالسعر الجديد الرسمي، بل حافظت قوى الفساد والمتاجرين بتواطئهم مع مسؤولين حكوميين على هوامش الربح التي يريدونها، ضاربين عُرض الحائط بتهديدات محاسبتهم وفرض أشد العقوبات بحقهم. فالهامش الذي كان يحصل عليه عدد كبير من المتاجرين بمادة الغاز مازال كما هو، وكذا الأمر في مواد البنزين والمازوت وغيرها. الحل الاقتصادي على أهميته وضرورته، يحتاج وقتاً مناسباً، وأدوات فاعلة لمراقبة حسن تطبيقه، وهذا غير ممكن حالياً، مادامت لا توجد جهة حكومية واحدة تضع على عاتقها محاسبة فاسد يتاجر بلقمة المواطن واحتياجاته الأساسية. فالمضي باتجاه خاطئ، يؤدي حتماً لنتائج خاطئة.

العدد 1104 - 24/4/2024