اختصاصات المحاكم..

لا بدّ من أن يسلك المواطن طرقاً متعددة ومتنوعة للوصول الى حقّه، وهذه الطرق منصوص عليها في أصول المحاكمات المدنية الجزائية ويمكن معرفتها عن طريق المحامي-ة، أو عن طريق كتب القانون أو من المحاكم نفسها ، حيث يمكن للمواطن نفسه أن يكون هو محامي نفسه في بعض القضايا وعند درجات محاكمة محددة، ولذلك يجب أن يبحث عن المحكمة الصالحة للفصل في الدعوى نوعياً وقيمياً ومحلياً، وإلا فإنه يكون قد دخل باباً مغلقاً لا يؤدي إلى النتيجة المطلوبة.

ومن هنا يجب التعرف على الاختصاصات النوعية للمحاكم السورية بدءاً من محكمة الصلح وانتهاءً بمحكمة النقض.  ويقوم الاختصاص النوعي للمحاكم على معيار طبيعة النزاع محل الدعوى، فقد حدد المشرع أنواعاً معينة من الدعاوى المستمدة من موضوعها، وجعل كلاً منها من اختصاص نوع من أنواع المحاكم التي نص عليها قانون السلطة القضائية وقانون أصول المحاكمات المدنية.

وسنبدأ أولاً بالحديث عن الاختصاص النوعي لمحكمة الصلح..

حدد قانون أصول المحاكمات المدنية محكمة الصلح باختصاص نوعي شامل في دعاوى محددة مستمدة من طبيعة الحق الذي تحميه على سبيل الحصر، وذلك بغض النظر عن قيمة المدعى به فيها، فهي تختص بالمسائل التالية:

1- المنازعات الإيجارية: سواء تعلقت بمنقول (الأموال والأغراض القابلة للنقل) أو بعقار، وبالتالي فهي تختص في كل ما يتعلق بصحة عقد الإيجار وفسخه وتسليم المأجور وتخليته ودعاوى أجر مثل العقار مهما بلغ المقدار المدعى به، والأعطال التي لحقت بالعين المأجورة أثناء استعمالها.

2- منازعات العمل: إن جميع دعاوى العمل التي يكون العامل طرفاً فيها تخضع لاختصاص محكمة الصلح، مثل الدعاوى المطالبة بأجور الخدم والصناع والعمال ومرتبات المستخدمين الدائمين أو المؤقتين، وسائر المنازعات  التي تنشأ بينهم وبين دوائر الدولة أو المؤسسات العامة، وأيضاً الدعاوى التي تقام من العمال أو من أرباب العمل على مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

3-  الخلافات الزراعية والتعويض عن الأضرار الزراعية: إذ تختص اختصاصاً نوعياً شاملاً في دعاوى التعويض عما يصيب أراضي الزراعة أو المحصولات أو الثمار من ضرر بفعل إنسان أو حيوان مهما بلغت قيمة المدعى به، ويعد حفر بئر ونصب المحرك من مشتملات العمل الزراعي، ونقل الصخور الرخامية من الأرض أيضاً وبالتالي فإن ذلك مشمول بهذا الاختصاص.

4- الدعاوى المتعلقة بالانتفاع بالمياه وتطهير الأقنية والمجارير: إذ تختص محكمة الصلح بكل المنازعات المتعلقة بكيفية ومدى الانتفاع بمياه الينابيع الطبيعية والسواقي الطبيعية أو الاصطناعية والآبار الارتوازية وتلك المتعلقة بصيانتها وإدارتها.

5- دعاوى قسمة المال الشائع: أي دعاوى القسمة القضائية

6- دعاوى إدارة الملكية الشائعة والمنازعات المتعلقة بشأنها: أي كل المنازعات المتعلقة بإدارة الملكية الشائعة مهما كان نوع الشيوع أو سببه، أي سواء كان عادياً أم جبريأ. وأيضاً فإن المنازعة المتعلقة باستعمال أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك تدخل في هذا الاختصاص.

7-  الدعاوى المتعلقة بحقوق الارتفاق: مثل إحداث حق الارتفاق التعاقدي، واستعمال حقوق الارتفاق الطبيعية والقانونية والتعاقدية، وجميع المنازعات الناشئة عن هذه الحقوق، ويدخل في ذلك ترقين حقوق الارتفاق. و الارتفاق هو تكليف عقاري مفروض على عقار معين لمنفعة عقار آخر جارٍ في ملكية شخص غير مالك العقار الأول.

8-  الدعاوى المتعلقة بالحدود والمسافات: أي تعيين الحدود وتقدير المسافات المقررة بالقوانين أو القرارات أو العرف، فيما يتعلق بالأبنية أو المنشآت الضارة أو الغراس، وأيضاً المنازعات الناجمة عن أبنية أو منشآت قد تلحق ضرراً بالجوار بسبب الإزعاج أو الخطورة الضارة بالصحة مثل: الحظائر التي تنبعث منها الروائح الكريهة، والأفران التي تنبعث منها الحرارة، ودور السينما التي يخرج منها الضجيج، وذلك مهما كانت قيمة التعويض المطالب به أو قيمة الضرر المطلوب إزالته.

9-  دعاوى الحيازة: حدد المشرع ثلاثة أنواع من دعاوى الحيازة، وهي:

أ-  دعوى استرداد الحيازة: وهي الدعوى التي يطلب فيها المدعي رد العقار المغصوب من  حائزه، وهذه الدعوى تستلزم توفر عنصر الغصب،  ويشترط فيها: أن يكون المدعي حائزاً العقار محل الدعوى وأن تكون الحيازة هادئة وعلنية ومستمرة، وأن تفقد بفعل من أفعال التعدي أو الاغتصاب، كما يجب أن تقام الدعوى بأسرع وقت.

ب- دعوى منع التعرض: إذ يكفي لتحقق فعل التعرض مجرد تعكير الحيازة والمنازعة فيها، ويقضي المبدأ القانوني أن من حاز عقاراً حيازة مادية ومعنوية، يستطيع أن يقيم دعوى حماية بمواجهة من يتعرض للحيازة بأي فعل ممانعة أو اعتداء أو تهديد جدي بالاعتداء.

ج-  دعوى وقف الأعمال الجديدة: إن المبدأ القانوني يقضي بأن من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كاملة،  وخشي لأسباب معقولة التعرض له بسبب أعمال جديدة تهدد حيازته: كأعمال الحفر أو الإزالة أو البناء، له أن يرفع دعوى  بطلب وقف هذه الأعمال بشرط ألا تكون قد تمت ولم ينقضِ عام على البدء فيها.

10- دعاوى الأحوال المدنية: أي جميع الدعاوى الناشئة عن المنازعات المتعلقة بتصحيح قيود الأحوال المدنية في السجل المدني أو تعديلها، سواء تعلقت بواقعات الولادة، أو الزواج، أو الوفاة، أو تغيير أو تصحيح الاسم الشخصي، أو العائلي، أو اللقب، أو النسب، أو تغيير الدين، أو المذهب، ويدخل في مسائل الأحوال المدنية أيضاً حصر الإرث القانوني المتعلق بانتقال الحقوق غير المنقولة والأراضي الأميرية.

العدد 1105 - 01/5/2024