حزيران… ونسائم الصيف

أجمل ما يأتي به شهر حزيران ليس فقط نسائم الصيف التي تبدأ بالقدوم معه، وليس فقط اختتام المدارس وامتحان الشهادات الرسمية وانتهائها، بل إن أول يوم فيه هو عيد الطفولة، الأول من حزيران الذي خصص يوماً عالمياً لحماية الطفولة، والرابع من حزيران هو اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء،و الثاني عشر من حزيران هو اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال..

ما يعني أن شهر حزيران يحمل بين طياته أكثر من مناسبة لدعم الأطفال والتذكير بحقوقهم، وهنا لا يسعنا إلا أن نتحدث عن أطفالنا في النزاعات المسلحة  وما ينجم عنها من انتهاكات تنال منهم ومن حقوقهم، فالتوثيقات لن تتوقف عن أطفال تيتّموا أو أعيقوا في الحرب، أو عاشوا رعباً وهلعاً نتيجة القصف والاشتباكات والدمار والتهجير الذي تعرضوا له، ولن تتوقف عند توثيقات تتعلق بأطفال أصبحوا يعيشون تحت خط الفقر الأدنى ويعانون من المرض والجوع وسوء التغذية، إنما بدأت تظهر أيضاً مآسي تلتقطها كاميرات الإعلاميين العاملين في التحقيقات الاستقصائية، وهنا لا بدّ من الحديث عن التحقيق الذي قامت به قناة (الجديد) اللبنانية عن أطفال سوريين قدموا من الرقة ومن أماكن أخرى من سورية يعملون في مزارع الحشيشة في لبنان، فقد التقت الإعلامية (منة فواز) مع أطفال يعملون مع أهاليهم في قطف نبات الحشيشة وتخزينها، وكان بعضهم يبلغ العاشرة من العمر، وأبدى الكثير ممن التقتهم ألمهم، ورغبتهم في الدراسة، لكن فقر الأهل هو الذي دفع بهم إلى تشغيل أبنائهم وبناتهم، هذا ما أظهرته الكاميرا، لكن الحقيقة الأخرى قد تأتي من أن أجور الأطفال أقل من أجور الكبار، لذلك يضغط رب العمل لإحضار الأطفال مع الأهل، بالترغيب والوعيد ربما. وعلى كل، وبعيداً عن الفقر والحاجة، هنالك أطفال يعملون بسبب النزاع الحاصل في أعمال تعتبر من أسوأ أشكال عمل الأطفال، وهي قد وردت في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 لعام 1999 التي تهدف إلى القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2016 وهي تشمل: جميع أشكال الرق أو الممارسات الشبيهة بالرق، كبيع الأطفال والاتجار بهم وعبودية الدَّيْن والقنانة (عبودية الأرض) والعمل القسري والجبري، وبضمن ذلك تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، واستخدام الأطفال أو تشغيلهم أو تقديمهم لأغراض الدعارة أو لإنتاج أعمال إباحية أو أداء عروض إباحية، واستخدام أو تشغيل أو تقديمهم في لأنشطة غير مشروعة، ولاسيما إنتاج المخدرات والاتجار بها، والأعمال التي يرجح، بطبيعتها أو بفعل الظروف التي تزاول فيها، أن تضرّ بصحة الأطفال أو سلامنهم أو أخلاقهم.

وبعيداً عن التزامات سورية ولبنان في تنفيذ الاتفاقية التي صادقا عليها وإمكانية تنفيذها، إلا أن هنالك التزاماً من الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات وقائية ورادعة لعمل الأطفال، من ضمنها دعم الأهل وتوفير فرص للأطفال في كل دول العالم..

فهل يقف أحد أمام التزاماته، أم أن الأطفال سيبقون الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للانتهاكات رغم نسائم الصيف التي تحلّ مع شهر حزيران!!

العدد 1105 - 01/5/2024