حرية الصحافة و التزامها بنشر الحقائق

تنبع حرية الصحافة من مبدأ السلطة الرابعة التي عليها أن تأخذ مكانتها بالتوازي مع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأن يلتزم الدستور بذكرها، بوصفها سلطة من الواجب احترامها وإعطاؤها الحق بممارسة دورها الإشرافي والاستقصائي للوصول إلى الحقائق ونبش المعلومات بكل وسيلة تتاح لها. لذلك أقرت العديد من الدول الحق في الوصول إلى المعلومات واحترام سريّة المصدر، وهذا ما سيتيح لعالم الإعلام بجميع وسائلة، أن يكشف سلاسل الفساد والتجاوزات للقوانين والأنظمة والاعتداءات على حقوق المواطنين وإنسانيتهم..

لكن هذا يجب أن يترافق مع شفافية الإعلامي والوسيلة الإعلامية التي تنشر له أو تعرض له أعماله، وهذه الشفافية هي الصدق الذي يكمن في التحري الصادق وليس في الجري وراء الادعاءات الكاذبة التي يطلقها عوام الناس، ودور الإعلامي هو البحث وراء الأقوال والتحري للوصول الى الحقيقة، قبل أن يعلن الخبر أو ينشر التحقيق، أو بذل جهده للوصول إلى المعلومة ولو لم تكن حقيقية بالمطلق، لكن على الأقل أن يتحرّى بجدية ومسؤولية دون أن ينطلق من أحاديث وأقوال وكلام يطلقه شخص ما، أياً كان، ومن هنا كانت أهمية القوانين التي تحاسب تلك الوسائل الإعلامية التي تتحوّل إلى أدوات للابتزاز أو لتشويه صورة أحد ما أو مؤسسة أو دائرة حكومية أو غير حكومية، تلك القوانين التي يجب ألا تنفصل عن القوانين التي تحمي الاعلامي الباحث عن الحقيقة وحماية مصادره، لأن الهدف الأسمى هو الحقيقة مهما كانت نتائجها، نحتاج فعلاً إلى قوانين تحمي الإعلامي، وقوانين تحاسب المستهتر من الإعلاميين، أو الوسائل الإعلامية التي تبث أخباراً مصدرها الوحيد أقوال وكلام غير موثّق، لمجرّد بث الإشاعات بين الناس واللعب بأعصابهم وأعمالهم أو دراستهم..

العدد 1105 - 01/5/2024