تدخل حكومي في الأسواق… وارتياح شعبي حذر

استمرار التدخل الحكومي إنتاجاً وتسويقاً ورقابة  توسيع سلة المواد المدعومة

تفكيك منظومة التشريعات المعيقة للتدخل الحكومي  مكافحة الفساد والاحتكار والسوق السوداء

لقيت حزمة الإجراءات الحكومية (الإنقاذية) شيئاً من الارتياح بين أوساط الفئات الشعبية في البلاد، وأعادت إليهم بعض الثقة بقدرة الحكومة على الفعل والمواجهة، بل الانتصار في مواجهة الحصار الخارجي الظالم الذي فرضه التحالف الدولي المعادي لسورية، والاستنزاف الداخلي المنظم الذي يقوده ثلاثي الفساد والاحتكار وأثرياء الأزمات.

لقد أدى التدخل الحكومي المتشعب بأذرعته النقدية.. القانونية والرقابية إلى بوادر انفراج في معاناة المواطنين، إذ تراجع سعر الدولار في السوق السوداء، وانخفضت انخفاضاً طفيفاً أسعار بعض السلع الأساسية، بعد توسيع سلة المواد التموينية المدعومة، وتوقيف بعض المتلاعبين في الأسواق وإغلاق عدد من المتاجر، ونية الحكومة العودة إلى التدخل في تحديد منظومة الأسعار.

لقد طالبنا مراراً على صفحات (النور) بعودة الحكومة إلى أداء دورها الرعائي للفئات الفقيرة والمتوسطة من أبناء شعبنا، خاصة في ظل أزمة الوطن المتشعبة، والتي رفعت معاناتهم إلى درجة يصعب وصفها.. ونحن إذ نشد على يد الحكومة دون تهويل أو مبالغة، ندعوها إلى الاستمرار في (فزعتها)، وألا يأخذ هذا التدخل صفة (الطفرة). فما واجهته جماهيرنا الشعبية من مصاعب لتأمين لقمة عيشها، يحتاج إلى سياسات ثابتة متوازنة في جميع الأنشطة الإنتاجية والتسويقية والرقابية.

المطلوب الآن تفكيك التشريعات المعيقة لهذا التدخل، ومراقبة الأسواق بهدف تخفيض أسعار الجملة والمفرق، انسجاماً مع انخفاض سعر صرف الدولار.. فإذا لم يلمس المواطن لمس اليد انعكاس تدخل الحكومة على الأسعار، فسيعد هذا التدخل حبراً على ورق.. كما نؤكد أهمية مراجعة قوائم الاستيراد، والاكتفاء في المرحلة الحالية باستيراد السلع الأساسية فقط، مما يساعد على تقليص الطلب على القطع الأجنبي، ومكافحة سماسرة السوق السوداء دون هوادة، والسعي الحثيث لإنشاء منصات إنتاجية متكاملة للقطاعين العام والخاص في المناطق الآمنة، وتوفير فرص العمل، وتشجيع المنتجين الصغار والحرفيين على الاستمرار في رفد الأسواق بمنتجاتهم، وإزالة العوائق والحواجز التي تعيق انسيابها إلى المستهلكين، وتكليف مؤسسة التجارة الخارجية استيراد السلع الضرورية للمواطنين، وتسويقها عبر شبكة التوزيع العائدة للمؤسسات الاستهلاكية بأسعار مدروسة.

إن تراجع احتمالات التدخل العسكري المباشر لا يعني، حسب اعتقادنا، عودة الوعي والتعقل إلى السلوك الأمريكي على الخطة البديلة التي تتلخص باستنزاف سورية من الداخل، لذلك طالبنا في الماضي، ونطالب اليوم، بتقوية الجبهة الداخلية الاقتصادية والاجتماعية وتصليبها، عبر تدخل الحكومة المباشر في جميع مفاصل العملية الاقتصادية، وعدم السماح بتحقيق ما يرمي إليه أعداء سورية وشعبها.

صحيح أن عودة اقتصادنا الوطني إلى الانتعاش والتعافي مرتبطة بتفكيك الأزمة السورية عبر الحلول السياسية، لكن الصحيح أيضاً أن تدخل الحكومة الفاعل في الحياة الاقتصادية، وعدم التساهل إزاء الظواهر التي تهدد صمودنا بقطع الطريق على واضعي الخطط، وأنصارهم في الداخل.. ويسهم في نجاح المساعي التي تبذل لحل الأزمة السورية وفق خيارات الشعب السوري المتمثلة بعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يضم جميع القوى السياسية والمجتمعية الوطنية في الداخل والخارج، بهدف التوافق على رسم مستقبل سورية الديمقراطي- العلماني.

العدد 1105 - 01/5/2024