سورية تأمل من مصر… ومصر تخشى الحالة السورية

تنفست سورية الصعداء مع الحراك المصري الذي وجه أكبر تحدّ غير متوقع للمد الإسلامي باتجاه السيطرة على السلطة في الدول العربية. تقريباً لم تخفِ سورية ترحيبها بما جرى ويجري.. لكنها لم تسرف في زرع الآمال حوله، ولاسيما أن مصر بعد الحراك، ربما تكون أظهرت إمكانية مد يد لسورية، لكن .. بشكل غير رسمي وبارد وبقفازات..؟!

سورية التي تصارع بالحديد والنار الإخوان المسلمين وقوى تدور في فلكهم، حتى وإن اختلفت هذه القوى معهم. الأساس أنها كلها تسعى لترويض السياسة والحياة عموماً لشروح يختارونها للإسلام وتعاليمه ونصوصه، تجد – ولا بد – في الحراك المصري المذهل ضد أخونة الدولة وسلطة الإخوان، ما يقدم شاهداً حياً هو أكبر وأهم شاهد عربي على أن الصراع مع هذه القوى ومعهم الإخوان ليس صراعاً مع الديمقراطيين، بل هو يكتسب بعداً ديمقراطياً وعروبياً. وتتقدم صراعات أخرى مع سلطة الإخوان المسلمين التي جاءت بانتخابات ما بعد الحراكات العربية (الربيع العربي) لتعلن بوضوح عن تعاطفها مع الحالة السورية، وتفهمها للموقف الحكومي السوري، بل ودعوتها لمناصرته (تونس مثلاً). ذلك كله وغيره أظهر احتمالات أن تلوح في الأفق علامات عودة الحياة للخط القومي العربي التقدمي المواجه تاريخياً للخط الإسلامي، وهذا الخط لن يشعر بالرضا لتحطيم دولة عربية كسورية بقوتها ومواقفها.

تأييد سورية عبر إعلامها للحراك المصري، وأيضاً التونسي من بعده، لا يخفي الآمال التي تتعلق بها سورية. وهي ليست مخطئة بالمطلق، فهي حتى الآن تستطيع أن تضمن نسبياً أن مصر لن تعود حاضنة أساسية للمعارضة… ومصدراً للمقاتلين ضد الجيش السوري.. فقد وصلت الأمور في آخر أيام الرئيس محمد مرسي إلى تشجيع المقاتلين للخروج و(الجهاد) في سورية مع التعهد بأنهم لن يقدموا للمحاكمة بعد عودتهم. أما في مصر فثمة على الأقل، الحذر والتحذير من استنساخ الحالة السورية، أي أن يتحول الصراع إلى مسلح ؟! وإذا كان ذلك لاتلوح بوادره اليوم، وغالباً لن يحصل، فإن ذلك لا يمحو من الذاكرة، أن الوقائع في سورية لم تتجه تلقائياً هذا الاتجاه، وإنما تداعت الأحداث إليه بمساهمة التدخلات الخارجية التي أيضاً تداعت تداعياً إلى مواقفها العدائية الكاملة الراهنة. وإذا كانت السعودية وقطر بادرتا إلى التأييد والدعم المزعومين للحراك المصري ضد الإخوان وسلطتهم، فلعلهما تنتظران موقف الراعي الأمريكي من كل ما يجري، الذي هو موقف غير مريح على الأقل. ثم… يجب ألا نتجاهل موقف الشريك التركي في العداء لسورية الذي لم يتوقف عن مطالبته بعودة نظام الإخوان في مصر. هذا إضافة إلى أن دولاً كقطر والسعودية ستكونان تلقائياً في المحور المواجه للعربي التقدمي لصالح الإسلامي.

لمصر كل الحق في الخشية والتحسب…و لسورية كل الأمل بأن ينتصر الحراك المصري!

العدد 1107 - 22/5/2024