استغاثات من حلب يا حكومتنا الرشيدة… أصبحنا على الحديدة!

فقد عشرات الآلاف من أرباب الأسر الحلبية مورد رزقهم، بعدما أصبحوا عاطلين عن العمل على خلفية الأحداث الجارية، الأمر الذي يعني أن أكثر من نصف العوائل الحلبية أصبحوا بلا معيل، أو بحكم ذلك. فيما تحوّل آخرون إلى مهن بسيطة كي يستطيعوا إعالة أسرهم بأدنى مستويات الحياة، وهذا أمر يؤذن بكارثة في المنظور المتوسط. ولكم أن تطلقوا العنان لأخيلتكم في تصور مدى فداحة وخطورة هذه الكارثة عندما نعلم أن مئات المعامل التابعة للقطاع الخاص أغلقت أبوابها، وإذا علمنا أن المعمل الواحد منها يشغّل أكثر من مئتين وخمسين عاملاً كمتوسط حسابي، وكم محلاً تجارياً بين صغير ومتوسط وكبير أغلق في المناطق الساخنة، وكم تضرّر قطاع النقل والعاملين به، وكم تضرّر قطاع السياحة والعاملين به، وهم كثر جداً جداً. تصوروا وتخيلوا كل شيء، فالكارثة كبيرة، وسوف تصبح أكبر إن استمرت الحكومة في (تطنيشها) ولم تتصدّ لمسؤولياتها بكل شجاعة ومسؤولية، ولتبدأ بمسؤولياتها على الأقل.

وأخيراً وليس آخراً لا يسعني إلا أن أقول بلسان كل الحلبيين.. يا حكومتنا (الرشيدة) أصبحنا على الحديدة..

 

حكومتنا والتعاميم المزدوجة

يحدث لضرورات العمل الصحفي بل من أدبياته وأصوله، أن يقصد أحدنا مكتب مسؤول للاستفسار عن موضوع ما قبل الكتابة، فيعطيك المعلومات اللازمة ويقدم وجه النظر الرسمية، لكنه يشترط عليك قبل ذلك عدم ذكر الاسم. حدث هذا معي في مركز هاتف الجميليّة مؤخراً، وقبل ذلك في مكاتب مسؤولين آخرين، علماً أن المعلومات التي يقدّمونها لنا ليست على مستوىً عالٍ من الأهمية والسرّية!

فلماذا كل هذا التخوف من الصحافة، رغم أن الحكومة تصدر التعميم تلو التعميم بضرورة الانفتاح على الصحافة والشفافية، إلا إذا كانت الحكومة لديها نوعان من التعاميم، الأول علني يفيد بالانفتاح على الصحافة. وتعاميم أخرى سرية من تحت الطاولة تفيد العكس تماماً، ولا عجب من حكومة العجب.

والسؤال الكبير الكبير: هل يتناسب هذا مع عهد الانفتاح والإصلاح؟!

 

وفد وزاري بلا نتائج!

يبدو أن زيارة رئيس الحكومة والوفد الوزاري الرفيع المرافق له لم تحقق إلا النزر اليسير مما كان معولاً عليها. على الأقل هذا ما يشعر به رجل الشارع البسيط، إذ لم تنعكس هذه الزيارة على يومياته الحالكة السواد. رجل الشارع هذا يتساءل: إذا كانت الحكومة تعلم مسبقاً سقف إمكاناتها، لا سيما في هذه الظروف تحديداً، فلماذا ترفع سقف وعودها إلى ما لا طاقة لها به؟ لماذا تبذل كل هذه المغريات والمقبلات؟ لماذا لا تكون صريحة وشفافة مع شعبها؟ أفلا ينطبق عليها المثل الشائع (عشّمتونا بالحلَق ثقّبنا آذاننا)!؟

فلا أزمة الخبز حُلت، ولا الغاز ولا الكهرباء ولا المازوت ولا البنزين. وحين نتحدث عن أزمة خبز فهذا لا يعني  كما يمكن أن يتبادر للذهن  الازدحام على الأفران إنما غياب المادة نهائياً بسبب عدم توزيع الدقيق على الأفران، الأمر الذي أنعش السوق السوداء طبعاً في ظل غض الطرف الحكومي قصداً أو كرماً أو عجزاً، إلى أن وصلت أسطوانة الغاز إلى 4700 ل.س شتاءً، و1900 صيفاً. وربطة الخبز بين 200  300 ليرة، وليتر المازوت 110  ،195 والبنزين 115  185. كل شيء في حلب له سوقه السوداء، وبضمن ذلك ضمائر تجار الأزمات، راكبي الموجات. طبعاً شجعهم على ذلك  كما ذكرنا آنفاً  تغاضي الحكومة. فهل هي أو بعض أعضائها شركاء لهؤلاء التجار، مصّاصي الدماء، أم لدى الحكومة ما هو أهم من ذلك؟

بالمختصر المفيد، حلب مدينة تنام دون خبز، على الأقل قبل شهر من تحرير هذه المادة الصحفية، وتعاني كثيراً مادياً ونفسياً في تأمين المحروقات وباقي المواد الأساسية، هذا في ظل فقدان الآلاف من الحلبيين مصدر رزقهم للأسباب التي تعرفونها، أي أننا أمام كارثة اجتماعية.

فهل كانت زيارة الوفد الحكومي إلى حلب مؤخراً إبرة مخدّر، كما يقول رجل الشاعر العادي، وأيضاً، العلامات والإشارات الملموسة على أرض الواقع.

حلب تختنق، حلب تستغيث، حلب تجوع، حلب تموت.. أنقذوها!

العدد 1105 - 01/5/2024