بين حازم وفرح… مشروعيّة الإبداع

بينما تلتقي قناة الـ(سي إن إن) احدى أهم القنوات العالمية بالشاعرة الفلسطينية فرح شمّا، الشابة التي تجاوزت سن الطفولة بقليل، وتحتفي بشِعرها وكلماتها وإنجازاتها فرحين بنجاحها ومشروعها العالمي، يتناقش السوريون في مشروعية الفرح بفوز الفنان الشاب حازم شريف، ويشدّونه بين علمين وفريقين، ويطالبونه بمواقف بسنواته الاثنتين والعشرين ربيعاً على مسرح (عرب آيدل)، تلك المواقف التي لم يستطع فنانون كبار اتخاذها بوضوح ليس على المسرح بل في منازلهم!! ولا تنحصر الاتهامات والمشادّات الكلامية على موقف ذلك الفنان والقناة، بل تمتد لتطول من فِرحَ لفوزه من كل الفرقاء السوريين، ومن كل مكان يعيشه السوري خارج البلاد أو داخلها، منهم من يرى أن ذلك الفرح هو ابتذال لا معنى له في ظل هذه الحرب التي تطول البشر والحجر في سورية، ومنهم من يرى أنه استهتار بمشاعر من يعيشون في الخيام، أو تبذير على حساب من يعيش في سورية في ظل انقطاع الكهرباء والمازوت والبرد القارس وغلاء الاسعار..

يحمّل الناس فوز حازم كل ما يمكن أن تحمله المأساة السورية، من اقتتال وفقر وتشرّد وهجرة وبرد وحتى غلاء المازوت..

وكأن من يعيش في ظل كل هذه الأجواء منذ أربع سنوات لا يحق له التعبير عن فرحه أو الشعور بنصر ولو كان على مسرح صغير باحدى الدول الصغيرة، لنعود إلى سؤال أنفسنا كيف يمكن لشعب يفكّر ويحلل بإمكانية الفرح أو عدمه، ويصل إلى حدّ النقاش بطريقة عنيفة على صفحات التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها بتبادل الشتائم والتخوينات والاتهامات للوصول الى مؤامرة كونية ببعد فنّي، كيف يمكن لشعوب تحوّل كل ما يحدث الى سياسة وأبعاد قطبية وكونية، أن تصون الإبداع وتطوّره وتنميه لأجيال من الشباب تنتظر الفرصة بعيداً عن مشاريع الطبخ والخياطة والحلاقة التي تنعم بها المشاريع الشبابية الصغيرة؟!! بالحقيقة شعوب تحرّم على أنفسها الفرح لن تستطع يوماً أن تعمل لأجل مستقبل خالٍ من العنف والألم، ومهيئ لشباب قادر على الإبداع في بيئة طبيعية إنسانية تعيش أبسط إنسانيتها بحزن وغضب وفرح وخوف ونجاح..

العدد 1107 - 22/5/2024