كي لا ننسى: الدكتور نبيه رشيدات.. طبيب الفقراء (1922- 2009)

رأت عينا نبيه رشيدات النور عام 1922 في إربد (الأردن)، وبعد أن أتمّ تحصيله الابتدائي والثانوي حصل على المتريك (البكالوريا) من مدرسة السّلط سنة 1939 وهناك تأثر بأستاذين تقدميّين يحللان، حسب تعبيره، (حوادث التاريخ من منظور علمي).

 انتسب نبيه إلى المعهد الطبي بدمشق عام 1941 وتخرج فيه عام 1948. ويقول إنه قرر دراسة الطب لتكون عوناً له في نضاله السياسي، في حين كان والده يرغب أن يدرس الحقوق.

عند التحاق الطالب نبيه رشيدات بمعهد الطب بدمشق كان متأثراً بعاملين:

 الحسّ الوطني والوعي السياسي الذي تميز به أبناء جيله من المثقفين.

 الحقد العميق على الاستعمارين البريطاني والفرنسي وعلى الصهيونية.

وفي دمشق أخذ يتردد على المجالس التي تدور فيها النقاشات اليومية حول تطور الحرب ومستقبل العرب. ولم يكن متعاطفاً مع انتصارات النازية إلا بسبب كرهه لعدوّيها الاستعمارين البريطاني والفرنسي، في حين أن نبيهاً كان يُسرّ ويطرب لانتصارات الجيش الأحمر السوفياتي ويحزن لانتصارات بريطانيا عدوة العرب.

عام 1951 أُوفِد إلى باريس ولندن في دورة طبية. وفي باريس وقّع على عريضة تطالب الدول العربية بالتضامن مع مصر، مما أغضب رئيس الوزراء الأردني أبا الهدى دون أن يتمكن من مسّه بأذى. وبعد رجوعه من أوربا بأسبوع خطب في مظاهرة شيوعية في عمان تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وتعريب الجيش الأردني، فاعتقل في أواخر 1952 لفترة قصيرة.

برز الطبيب نبيه رشيدات في انتخابات تشرين الأول 1954 مؤيداً لمرشح الجبهة الوطنية الطبيب عبد الرحمن شقير. وقد رافق الانتخابات صدامات مع الشرطة على أثر خطابين لشقير ورشيدات، مما أدى إلى اختفاء رشيدات لمدة سنة في الأردن لجأ بعدها إلى سورية ،1955 التي كانت تنعم آنذاك بحكم وطني وحريات ديموقراطية لا تزال ذكرياتها عالقة في أذهان جيل ذلك الزمن الخيّر.

وقد عمل الدكتور نبيه رئيساً لمستشفى السّل بحلب لمدة سنة ونصف.

شارك الدكتور نبيه رشيدات في جميع مؤتمرات الحزب الشيوعي السوري منذ عام 1943-1944 إضافة إلى المشاركة في تأسيس الحزب الشيوعي الأردني في أوائل خمسينيات القرن العشرين.

في حديثه إلى مجلة (صوت الوطن) في صيف 1993 (العدد 47 و48) يجيب الدكتور نبيه رشيدات عن سؤال المجلة: (كيف تنظر إلى مستقبل الشيوعية في البلدان العربية؟)، يجيب إجابة طويلة نقتطف منها:(إن انهيار الاتحاد السوفييتي، رغم الآلام الشديدة التي تركها لدى شعوبنا لفقدها سنداً كبير الأهمية لها، إلا أن شعور الدفاع الذاتي لديها سوف يشتد ويقوى في الصراع ضد الهيمنة الإمبريالية تحت المظلة الأمريكية وضد الغزو الصهيوني. ومن جهة أخرى فإن الصراع الطبقي سيزداد حدة… فما من قوة تستطيع إخماد الحقد العميق على الاستعمار والصهيونية، وما من قوة تستطيع منع الشعوب من التطلع إلى الغد الأفضل الذي ستحققه الاشتراكية).

العدد 1107 - 22/5/2024