المواطن يخشى تكرار سيناريوهات الأزمات السابقة

الشتاء اقترب ومازوت التدفئة مازال أسير القرارات التي لم تنفّذ

اقترب الشتاء ومازوت التدفئة مازال بعيداً عن متناول الأسر، على الرغم من أن الحكومة قد أقرّت في وقت سابق تخصيص 400 لتر من المازوت لكل أسرة، تُوزّع على دفعتين بناء على البطاقة العائلية، مع استبعاد ما أثير سابقاً عن اعتماد البطاقة الذكية في توزيع المازوت.. ولكن يبقى التوزيع يعاني نقص الآليات الصحيحة إلى هذه اللحظة،سواء اتسم بالذكاء أم لا.

بدأت حالياً بوادر أزمة المازوت تتضح شيئاً فشيئاً، إلا أنها لم تحدث بعد، لأن برد الشتاء لم يبدأ بعد، ولكن معظم الأسر لم تحصل على مازوت التدفئة إلى الآن، على الرغم من أن الشتاء أصبح على الأبواب كما يقال. وبالطبع لا ننكر أن هناك بعض المحافظات بدأت بتوزيع مازوت التدفئة على الأسر، ولكن بالمقابل يوجد مناطق آمنة ببعض المحافظات (ريف دمشق على سبيل المثال) لم تحصل إلى الآن على أي ليتر من المازوت، وفي حال حصلت هذه المناطق على المازوت، فإن الكميات لم تغطّ إلا جزءاً يسيراً من الأسر.. فماذا عن ريف دمشق، وماذا عن عدم التحرك لتأمين مستودعات بديلة عن التي كانت في منطقة القدم؟

فقد حذرت نقابة عمال النفط والثروة المعدنية بدمشق وريفها، على لسان رئيسها علي مرعي، من حدوث أزمة مازوت كبيرة في ريف دمشق مع دخول الشتاء، بسبب عدم تأمين مستودعات بديلة لمستودعات فرع محروقات ريف دمشق، مقترحاً أن يستعاض عن ذلك بتزويد المحطات الخاصة بمادة المازوت، لتوزعها على الأسر، مع مراقبة التوزيع منعاً من حدوث أي تلاعب من المحطات.. ولكن إلى الآن نجد أن معظم المحطات في ريف دمشق خالية من مادة المازوت، وفي حال تزويدها فهي مخصصة لوسائل النقل فقط. فقد أكد صاحب إحدى المحطات ل(النور) أن محافظة ريف دمشق إلى الآن لم تخصص أي كميات من المازوت للمحطات الخاصة لتوزعها على السكان، على الرغم من أن محافظة ريف دمشق أعلنت عن بدء التسجيل على المازوت وفقاً لقوائم تسجلها الوحدات الإدارية.. ولكن ما نجده على أرض الواقع هو أن القرارات تصدر دون وجود آليات للتنفيذ، فالعبرة ليست في القرارات بل في تنفيذها.. وقد لمسنا أثر ذلك في السنوات الماضية، إذ كانت القرارات تعاني عدم وجود آليات لتنفيذها، أو هي تنفذ تنفيذاً خاطئاً، على الرغم من اتباع الكثير من الأساليب في توزيع مازوت التدفئة.

المشكلة تزداد سوءاً بوجود المحسوبية في الوحدات الإدارية، إذ تُسجّل أسماء الأقارب والمعارف قبل أسماء المواطنين العاديين الذين لا يملكون أي (واسطة). وحدث أن إحدى الوحدات الإدارية في ريف دمشق الشمالي قامت بتوزيع مازوت التدفئة على الأسر بسعر 65-70 ليرة للتر الواحد، أي أنها تخالف التسعيرة النظامية للتر المازوت وهو 61 ليرة للتر. وقد يكون الأشخاص القائمون على عملية التوزيع يتاجرون بمادة مدعومة، وهذا ما نخشاه: أن يكون للسوق السوداء وتجار الأزمات اليد الأكثر تأثيراً. فحالياً يباع لتر المازوت في السوق السوداء ب 100 ليرة، ونعتقد أنه مع دخول فصل الشتاء وبطء التحرك في تزويد الأسر بمازوت التدفئة، ستتوسع السوق السوداء وترتفع أسعاره، مستغلاً حاجة المواطنين، وقد يبلغ سعر لتر المازوت في ذروة الشتاء 200 ليرة.

وهنا يقع على الجهات الرقابية دور كبير في مكافحة السوق السوداء قبل أن تنتشر ويصعب ضبطها، فيجب عدم التهاون مع أي محطة أو موزع مخالف.. وبالطبع يجب إعلام المواطنين بأهمية التعاون والتواصل الدائم مع الجهات الرقابية، وإعلامها عن أي مخالفة تُرتكب وعدم السكوت عن الحق، لأن للمواطن الدور الأكبر في العملية الرقابية ومكافحة تجار الأزمات، ولا تستطيع الجهات الرقابية أن تصل إلى جميع المخالفين، إلا بفتح قنوات تواصل مع المواطنين، لذا لا بد من توعية المواطن أولاً.

كما ننبه إلى أهمية التحرك عاجلاً في تزويد الأسر بمادة مازوت التدفئة قبل أن يحل برد الشتاء، وأن يُفعّل أسطول شركة المحروقات لتوزيع المازوت، وتغطية حجم الطلبات التي تسجل  يومياً، إضافة إلى تزويد المحطات الخاصة بريف دمشق بمادة المازوت لتوزيعها على الأسر مع قيام شركة المحروقات بمراقبتها، من حيث معايرة الكميات، لضمان عدم التلاعب بها وبيعها في السوق السوداء، إضافة إلى قيام مديرية حماية المستهلك بريف دمشق بمراقبتها من حيث السعر ومراقبة نوعية المازوت في الصهاريج التي توزع المادة على الأسر، منعاً من أي خلط له كما حدث في الشتاء الماضي. لذا نأمل أن لا يتكرر السيناريو نفسه في كل شتاء، فسورية في أزمة، ولكن في الوقت نفسه الأزمة تحتم على الجهات الوصائية التحرك بشكل استثنائي أيضاً.

يذكر أن قطاع النفط تعرض منذ بدء الأزمة إلى خسائر كبيرة، بسبب عقوبات اقتصادية أحادية الجانب فرضت عليه، فيما ذكرت وزارة النفط في وقت سابق أن حجم خسائرها المادية المباشرة وغير المباشرة فاقت ال500 مليار ليرة.

العدد 1107 - 22/5/2024