جرائم نازية في القرن 21

بنيامين نتانياهو متهم بتضخيم نفقات مقر إقامته الرسمي في شارع بالفور في القدس، وبيته الخاص في قيصرية. النصب والاحتيال ربما كانا أفضل ما في مجرم الحرب هذا، ولعلي أعيش يوماً حتى أراه وأعضاء حكومته يمثلون أمام محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي ليحاكموا على ما هو أهم كثيراً من سرقة شيقلات، فقد قتلوا ألوف الفلسطينيين، وبلغ العدد 2200 في حرب غزة الأخيرة، بينهم 517 طفلاً. وهم منذ حرب الصيف الماضي يقتلون الفلسطينيين بالمفرَّق، أو واحد في اليوم، بعد قتلهم بالجملة.

أدين الإرهابيين الإسرائيليين قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، والإدانة لا تقتصر عليّ فقد كنت أقرأ استطلاعاً بريطانياً للرأي العام سُئل فيه الناس عن الدول التي ينظرون إليها بارتياح وتلك التي ينظرون إليها باستياء.

الدول التي تحظى بشعور إيجابي تجاهها شملت استراليا وكندا واليابان والهند والبرازيل. والدول المغضوب عليها احتلت إسرائيل في قائمتها المركز الثاني بعد كوريا الشمالية، وتبعتها إيران وباكستان ونيجيريا. وكان على القائمتَين مصر والمملكة العربية السعودية في مراكز متأخرة.

أكمل بآراء الآخرين و(نيويورك تايمز) التي يملكها يهود نشرت تحقيقاً طويلاً عن تدمير قطاع غزة، وتأخر إعادة تعمير البيوت المهدمة، وعن يأس السكان إلى درجة أن يحاول بعض الشباب الفرار إلى إسرائيل حيث يُعتقلون وينقلون بين السجون ثم يُعادون إلى قطاع غزة. بكلام آخر، أبن غزة يعتبر سجون إسرائيل نزهة بالمقارنة مع الحصار المفروض على القطاع، وهذا يعني أن قطاع غزة أصبح معسكر اعتقال نازياً، وأن متحدرين من الناجين من فظائع النازية يمارسون اليوم في غزة ما عانى الآباء والأجداد منه على أيدي النازيين.

كان الوضع في قطاع غزة سيشهد تحسناً لولا إرهاب جماعة أنصار بيت المقدس. وفي حين لا أتهم حماس غزة مباشرة بالمسؤولية عن هذا الإرهاب، فإنني أتهم قيادة حماس في القطاع بتسهيل هذا الإرهاب، لأن حماس جزء من الإخوان المسلمين باسم آخر، وقد أتهِم جماعة غزة بالتعاون مع الإخوان المسلمين المصريين في مهاجمة السجون وإخراج نزلائها الذين عادوا الآن إلى السجن كما يستحقون.

أعود إلى دولة الجريمة وما يُكتَب في الغرب عنها، فجريدة (الديلي ميرور) اللندنية ضمن ما أقرأ من صحف منذ عارضت احتلال العراق سنة ،2003 وهي هذا الأسبوع نشرت تحقيقاً مصوراً على مدى ثلاثة أيام عن معاناة سكان قطاع غزة.

التحقيق ينقل عن الضحايا الأحياء قول أحدهم: شاهدت موتى كثيرين، ودماً كثيراً حتى أن المشهد لم يعد يرعبني. العيش هنا مثل انتظار الموت. والحلقة الثانية تتحدث عن معاناة الأحياء، خصوصاً الصغار، وتقول: حسن فقد أمه وأباه وأخته في انفجار دمَّر ساقه. الحرب انتهت إلا أن الألم مستمر. أما الحلقة الثالثة فتتحدث عن جراح بريطاني يحاول إنقاذ ثلاثة أولاد قطّعت حرب بلا نهاية أوصالهم.

في أهمية كل ما سبق تقرير خاص لوكالة (أسوشييتد برس) الأمريكية سبق أن أشرت إليه، وأزيد منه أن الوكالة وجدَت أن 844 فلسطينياً على الأقل قتلوا داخل بيوتهم مع أن قوانين الحرب تمنع مهاجمة مواقع مدنية، وقد زعمت إسرائيل أن البيوت استخدمتها حماس ولم تقدم دليلاً مقنعاً على هذه التهمة. الوكالة الأمريكية قالت إنها حققت في 247 غارة جوية إسرائيلية، ووجدت أن 508 من القتلى، أو 60 في المئة، نساء وأطفال وشيوخ.

مرة أخرى المتحدرون من الناجين من النازية يرتكبون جرائم نازية بدعم من الكونغرس الأمريكي. ثم أسمع عن تهمة نصب واحتيال موجهة إلى نتانياهو كأنه بشر سويّ.

 

(الحياة)

العدد 1105 - 01/5/2024