محروقات وكهرباء… ونقل وأسعار ودواء.. جردة حساب لأزمات العام الماضي

هاهو ذا عام 2013 انقضى على المستهلك رغم صعوبة الأزمات المعيشية التي تعرض لها، فقد شهد العام الماضي الكثير من الاختناقات الاقتصادية التي واجهها المستهلك ونجح في اجتيازها آملاً في أن يكون العام الجديد أفضل من العام الماضي في كل الجوانب، وخاصة عودة الأمان إلى ربوع سورية.

وبنظرة سريعة على أهم الأزمات المعيشية التي عاناها المستهلك خلال العام الماضي، والتي مازال بعضها مستمراً إلى الآن، فقد شملت أزمات الطاقة بشتى أنواعها من (كهرباء وبنزين ومازوت وغاز)، وطالت يد الأزمة رغيف الخبز والمواصلات والصناعة والاستيراد وسائر الجوانب الاقتصادية الأخرى.

الكهرباء..

ويمكن القول بأن أزمة الكهرباء التي زادت مع دخول فصل الشتاء كانت الهاجس الأكبر لدى معظم المواطنين على اختلاف أنشطتهم اليومية، فقد شهد الشتاء الماضي برامج لتقنين التيار الكهربائي بلغ نحو 12 ساعة، في حين أن هذا الشتاء بلغ التقنين الناتج عن الأعطال والتعديات على الخطوط والمحطات والأنابيب وصعوبة إيصال الوقود اللازم لتشغيل المحطات إلى أيام ولساعات طويلة، وبدأت عمليات الاستجرار غير المشروع للكهرباء في الكثير من المناطق، وخاصة في المناطق الآمنة التي شهدت توافد المهجرين من المناطق الساخنة، مما زاد الحمل أكثر على الشبكة وكثرت الأعطال وزادت ساعات انقطاع التيار الكهربائي أكثر.

وبالطبع لأزمة الكهرباء العديد من الأسباب، منها التعديات على خطوط نقل الغاز وعلى أبراج التوتر العالي، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية الجائرة التي جعلت من الصعب الحصول على قطع تبديل لصيانة الأعطال على الوجه الأمثل.

المواطن توجه في سبيل الحصول على الضوء ولقضاء حوائجه إلى شراء المولدات الكهربائية التي ارتفعت أسعارها بدءاً من 10 آلاف ليرة ووصلت إلى حدود 150 ألف ليرة، هذه بالنسبة للعاملة على مادة البنزين، واشتكى الكثير من المواطنين من سوء نوعية المولدات الكهربائية التي تباع في الأسواق، فهي تتعرض للعطب السريع، كما أن المواطن عانى من صعوبة الحصول على المحروقات سواء البنزين أو المازوت الخاص بتشغيل مولدات الكهرباء، فقد تعرض لابتزاز السوق السوداء، ووصل سعر لتر البنزين إلى 200 ليرة كما بلغ سعر لتر المازوت نحو 130 ليرة، مما انعكس سلباً على العمليات الإنتاجية ورفع تكاليف الإنتاج أكثر بالنسبة للمعامل والمصانع والورش.

وتوجه المواطن في سبيل الحصول على الضوء إلى شراء (الليدات) التي تضيء على (البطارية) وبلغ سعر البطارية الواحدة نحو 2200 ليرة، في حين بلغ سعر بطارية السيارة التي تستخدم للإنارة نحو 25 ألف ليرة.

المحروقات

وبعد أزمة الكهرباء واجه المواطن أزمة المحروقات التي تمثلت بالمازوت والبنزين والغاز، والتي ما زالت مستمرة إلى الآن بالنسبة للغاز والمازوت في حين تعرضت أزمة البنزين إلى انفراج، ولكن بعد توسع سوقها السوداء.

فمازوت التدفئة شهد شحاً كبيراً في ريف دمشق وبلغ سعر اللتر الواحد 130 ليرة. وتوجه المواطن إلى الكهرباء والحطب والغاز للحصول على الدفء إلى أن جميع الأساليب السابقة لم تجد نفعاً وخاصة الكهرباء والغاز، فلم يعد أمام المستهلك غير الحطب للحصول على الدفء. وارتفع سعر كيلو الحطب إلى 40 ليرة وارتفعت أيضاً أسعار المدافئ العاملة على المازوت إلى 12 ألف ليرة وأكثر، وكذلك الأمر بالنسبة لمدافئ الكهرباء والحطب.

النقل

كما كان لشح مادة المازوت في السوق أثر على المواصلات، فقد خُصّصت كميات معينة يومية لوسائل النقل العامة التي تعمل على المازوت، إلا أنها لا تكفي لسد الطلب على النقل من قبل المواطنين وخاصة مع انخفاض عدد المقاعد الخاصة بوسائل النقل العامة في دمشق والتي تخدم المواطنين إلى الثلث وفق ما أكدته محافظة دمشق مؤخراً، فقد أشارت إلى أنها قامت بتخصيص مليون ليرة لدعم شركة النقل الداخلي في دمشق، كما وعدت سابقاً أنها ستعمل على حل أزمة النقل بطرح نحو 150 باصاً لتخديم الخطوط.

وبالطبع في كل يوم يتكرر المنظر والسيناريو، ازدحامات على المواقف ومواطنون ينتظرون على أرصفة الطرقات لحين قدوم أي وسيلة نقل تقلهم إلى أماكن عملهم أو إلى منازلهم، عدا ارتفاع تعرفة النقل التي أثقلت كاهل المواطن لدرجة كبيرة، ذلك أن بعض الخطوط وخاصة في ريف دمشق تكلف المواطن مالا يقل عن 9 آلاف ليرة شهرياً، أجرة للنقل في السرافيس وليس في التكاسي، أما بالنسبة للتكاسي فقد أصبحت التعرفة مزاجية، وتحولت التكاسي إلى وسائل نقل جماعية وخاصة بالنسبة للمناطق البعيدة.

وأمام هذا الواقع وتفادياً للازدحام وعدم الانتظار لساعات لحين قدوم وسيلة نقل، واجه المواطن هذا الأمر بالسير على الأقدام ولمسافات طويلة، من أجل الوصول إلى عمله أو بيته.

الأسعار

ومن الأزمات التي تعرض لها المواطن خلال العام الماضي، ارتفاع الأسعار الذي طال معظم السلع والخدمات ووصل لنسبة 400% لبعض السلع، فأسعار الخضار سجلت أرقاماً قياسية، وبلغ سعر كيلو البطاطا نحو 200 ليرة وبلغ سعر البندورة نحو 175 ليرة، وسجل التفاح نحو 280 ليرة للكيلو. وارتفعت أسعار السمون والزيوت والأرز والسكر في الأسواق المحلية، كذلك الأمر بالنسبة للحوم الحمراء والبيضاء، والتي شهدت ارتفاعات في أسعارها ووصل سعر كيلو لحم العواس إلى نحو 2200 ليرة، ووصل سعر كيلو الفروج إلى نحو 900 ليرة، وعاد وانخفض ليصل إلى نحو 600 ليرة بشكل وسطي نتيجة ضعف القدرة الشرائية واستيراد الفروج المجمد من إيران، وكثرت عمليات الغش والتدليس في اللحوم من حيث الخلط والتلوين..

وكان لارتفاع الأسعار أسباباً متعددة، منها ما يتعلق بسعر صرف الدولار الذي شهد ارتفاعاً مقابل الليرة، وبلغ نحو 300 ليرة إلا أنه عاد وانخفض بنسبة أكثر من 120% خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي، ومنه ما تعلق بالتكاليف الأخرى، مثل النقل الذي ارتفعت أسعاره لدرجة كبيرة وشكل 40% من سعر السلع والمواد، وترافق ذلك مع ارتفاع أسعار المحروقات على الصناعيين من فيول وغاز ومازوت، وتوقف الإنتاج المحلي بسبب خروج العديد من المصانع عن دائرة الإنتاج نتيجة الأزمة الراهنة، والاعتماد على الاستيراد لتأمين احتياجات السوق المحلية، كما دخل في رفع الأسعار عمليات الاحتكار والاستغلال التي قام بها بعض التجار، وضعف الرقابة التموينية على الأسواق.

وواجه المستهلك ذلك بترشيد استهلاكه، فاقتصر على شراء الضروريات فقط، حتى إن الضروريات أصبحت بالغرامات، أي أصبح هناك ضعف في القدرة الشرائية مما أثر على الأسواق من حيث العرض والطلب..

الخبز أيضاً لم يكن بعيداً عن الأزمات، وشهدت الأفران ازدحامات وطوابير تطاولت كثيراً خلال العام الماضي، وبدأت عملية المتاجرة بربطة الخبز، فوصل سعرها في السوق السوداء إلى نحو 100 ليرة.

العقارات والدواء وتعرفة الأطباء..

العقارات شهدت أيضاً ارتفاعاً في أسعارها، وخاصة في المناطق الآمنة، حيث ارتفع إيجار الشقة غير المفروشة إلى 30 ألف ليرة، واستغل بعض المستغلين وتجار الأزمات حاجة المهجرين للسكن ورفعوا أجور الشقق مع ندرتها.

كذلك ارتفعت أسعار الدواء وتعرفة الأطباء وأجور العمليات الجراحية، وأصبح من الصعب على المواطن أن يجمع بين كل من الطبيب والدواء في وقت واحد، فاقتصر على إحضار الدواء من الصيدلية، كما شهدت الأسواق فقداناً لبعض أنواع الأدوية وخاصة المزمنة.

في ظل ما سبق، استطاع المواطن السوري رغم كل الأزمات الراهنة والماضية التي مر ويمر بها أن يجاريها ويتكيف معها وأن يتعايش وينتج ويستمر في حياته، مما يجعله الإنسان الذي ما زال يتمسك بالأمل على أن يعود الوطن سورية إلى ما كان عليه من أمن وأمان واستقرار.

العدد 1105 - 01/5/2024