الخطايا السبع المميتة.. وسلاح الفن

 الخطيئة مصطلح لاهوتي للسلوك الشرير، يشير تحديداً إلى السلوك الذي ينطوي على موقف خاطئ تجاه الله والنتائج في الغربة منه.

الخطيئة، في اللاهوت المسيحي، ليست مجرد الفعل، ولكن أيضاً فكرة الدافع، أو الرغبة في المعارضة لقانون الله الأزلي.. ويقال إنها تشويه لصورة الله فينا. وفي التعاليم الإسلامية عن الخطيئة الكثير من القواسم المشتركة مع مفهوم الخطيئة في العهد القديم. الإسلام يعترف أيضاً بأن قوة الله أنه يغفر للخاطئ، بالتوبة، من خلال رحمته اللانهائية. والخطايا السبع المميتة هي: الفخر، الطمع، الشهوة، الحسد، الشراهة، الغضب، الكسل. ولا تكون النجاة ممكنة إلا من خلال يسوع المسيح، الذي صلب فداء للتائبين فهو يُنجيهم من العقوبة وقوة الخطيئة.

ظهرت الكثير من الأفلام الأجنبية التي لاقت رواجاً عالمياً وتربعت على عرش الخلود تتناول الخطايا السبع، ومنها الفيلم الشهير محامي الشيطان (The Devil’s (Advocate  ولم تأت تلك الأعمال الفنية مشحونة بالخطاب الديني الكلاسيكي، وإنما جاءت كرحلة في فضاءات الواقعية والتحليل للبُنى السيكولوجية على صعيد العقل الفردي أو الجمعي، وبالتالي خلصت إلى استشراف مستقبل البشرية ذات الحاضر الوحشي والعبثي المضطرب.

ومن أبرز تلك الأفلام فيلم (سفن، Seven) بطولة الممثل الشهير (براد بيت): يريد متطرفٌ مسيحي أن يوصل رسالته، إلى عددٍ كبيرٍ من الناس.. تلك الرسالة التي يحاول أن يعرض من خلالها خطر مدمني الخطايا السبع على مستقبل الأمة المسيحية والعالم، فيقوم ذلك الرجل بعدة جرائم قتل لرجالٍ تتوافر فيهم جلية مظاهر إدمان الخطايا السبع. بينما يؤدي براد بيت دور المحقق الذي يتتبع ذلك القاتل ليكون ضحيته في نهاية الأمر، حيث يجد نفسه ضحية غضبٍ جامح (والغضب هو واحدة من الخطايا) فيقتل ذلك المجرم الأعزل عوضاً عن متابعة التحقيق معه، فلا يقطع سلسلة الجرائم الخاصة بالخطايا السبع كما يقتضي عمله وإنما يُتمها بنفسه مانحاً بذلك شهرة أوسع لتلك الحوادث الفظيعة.

وما أريد أن أصل إليه، لو افترضنا أن هناك متطرفاً مسيحياً أراد إيصال هذه الفكرة كما هو الحال في الفيلم، هل كانت رسالته ستجد متابعة واستمرارية في المتابعة كما هو حال الفيلم؟

إن كاتب الفيلم والمجرم يُفترض أن يوصلا إلينا الرسالة، كلٌّ بطريقته، لكن هناك رسالة مُضافة حملها الفيلم وهي أنك بإمكانك أن تقول أي شيء من خلال الفن وأن الفن هو أداة التعبير المُثلى، فهو أول سلاح عابر للقارات. ومع الأسف فلكل منظومة منحرفة كالفاشية والنازية والصهيونية الاستيطانية فنانوها الذين يغذون العُصاب والعنصرية والوحشية بأعمالهم الشعرية والروائية والسينمائية، ثم يرحلون إلى مزبلة التاريخ بمجرد سقوطها. الفن اليوم هو أخطر سلاح عابر للقارات وعلينا كبشر أن لا نجعله خنجراً يقتلع عيوننا وينكأ جراحنا، بل علينا جعله مدية لاستئصال أقبح ما فينا.

العدد 1104 - 24/4/2024