الربيع العربي إلى أين..؟

لدي اعتقاد أن العرب  كل العرب  يحتاجون في هذه المرحلة التاريخية النضالية الحرجة إلى طبيب نفسي يشرف عليهم ويعالجهم، ليتمكنوا من إيجاد الحلول المناسبة لقضاياهم المصيرية الشائكة. فمنذ أن بدأ (الربيع العربي ) يدق أبواب الدول العربية دولة دولة ويلقي بالرصاص والقنابل والصواريخ فوق الرؤوس بدل الياسمين والبنفسج والقرنفل ، ويقدم الخوف والتشرد والضياع بدل الطمأنينة والمحبة والسلام ، ظهر العرب  أمام العالم  بمظهر السكارى وما هم بسكارى، ولكن بأس (الربيع العربي ) شديد.

وأظن  وبعضُ الظن إثم  أن الأمراض النفسية والأورام الفكرية التي يعانيها العرب في المرحلة الراهنة هي التي دفعت كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة لحل النزاع بين الأطراف المتنازعة إلى إنهاء مهمته، بعد أن أصيب بصدمة نفسية جعلت مهمته تبوء بالفشل الذريع ، وهي التي ستدفع أي مبعوث دولي آخر إلى البلاد العربية إلى مغادرة البلاد والعباد وهو يشكو من الهلوسة والشيزوفرينيا والبرانويا، والأمر ليس غريباً… فما إن يقدم هذا المبعوث الدولي حلاً يرضى عنه السعوديون حتى يتهمه المصريون بالعمالة، وما إن يرضى عنه المصريون حتى يتهمه الجزائريون بالخيانة، وما إن يرضى عنه الجزائريون حتى يتهمه اللبنانيون بالانحلال، وما إن يرضى عنه اللبنانيون حتى يتهمه التونسيون بالتخلف، وما إن يرضى عنه التونسيون حتى يتهمه القطريون بالتآمر، وما إن يرضى عنه القطريون حتى يتهمه الصينيون بالتواطؤ، وما إن يرضى عنه الصينيون حتى يتهمه سكان القطب الجنوبي بالتخاذل، وما إن يرضى عنه سكان القطب الجنوبي حتى يتهمه سكان القطب الشمالي بالنرجسية، وما إن يرضى عنه سكان القطب الشمالي حتى يتهمه الإسرائيليون بمعاداة السامية، ويعلو صراخ المسؤولين وصياحهم في وسائل الإعلام، كلٌّ يبرر موقف دولته ، ويهرع الصحفيون والإعلاميون بتدبيج المقالات الطنانة الرنانة والمقابلات (المفبركة ) لدعم مواقف دولهم بالحجة والبرهان. وهنا يقف المبعوث الدولي حائراً وهو يتساءل: ماذا يفعل أمام هذا الكم الهائل من الخصوم…؟ وماذا يفعل أمام هذا الكم الهائل من الخلافات…؟وسيصل إلى قناعة تامة ومطلقة أن حل الخلاف والنزاع بين السياسيين في الوطن العربي يحتاج إلى عون إلهي.

ولو فكرنا قليلاً، وبحثنا عن أسباب الخلافات بين السياسيين في وطننا العربي لوجدنا أن السبب هو (التبعية للآخر).فمنذ أن أعلنت الدول العربية الولاء للآخر انهارت وتقسمت وتشرذمت..! لماذا..؟

لأن الآخر لا يفكر إلا بمصالحه ومكاسبه الاقتصادية والسياسية، فما تقبله الولايات المتحدة في الوطن العربي ترفضه روسيا، وما تقبله روسيا في الوطن العربي ترفضه بريطانيا، وماتقبله بريطانيا في الوطن العربي ترفضه الصين. وما تقبله الصين في الوطن العربي ترفضه فرنسا، وما تقبله فرنسا في الوطن العربي ترفضه إيران، وما تقبله إيران في الوطن العربي ترفضه إسرائيل، والعرب  كل العرب  (مثل الأطرش بالزفة ) لا حول لهم ولا قوة ، تأتيهم الأوامر من الآخر فينصاعون لها.

إلى الأمام سر.. يسيرون إلى الأمام، إلى الوراء سر.. يسيرون إلى الوراء، وقوف… يقفون، جلوس.. يجلسون.

فبالله عليكم أيها العرب أي مبعوث دولي يستطيع أن يحل خلافاتكم، وأنتم على ما أنتم عليه من الضياع والتمزق؟ وأنا على يقين أن الحل بأيديكم، ولكن يحتاج إلى وعي سياسي على المستويات كافة.. أليس كذلك…؟؟

العدد 1102 - 03/4/2024