الموسيقا والطب

 لطالما كانت الموسيقا غذاء الروح، ولطالما كنّا نطرب وننتشي بسماعها، فتحرّك قلوبنا، وتشفي أرواحنا، ولكنّ الجميل في هذا الموضوع، أنّ بعض البلدان بدأت تتخذ من الموسيقا دواءً للعديد من الأمراض، فبعد العديد من الدّراسات توصل الباحثون إلى أنّ الموسيقا قد تكون البلسم الفعّال للعديد من الآلام مثل:مرض التوحّد ومرض الزهايمر، والعجز النّاتج عن السكتة الدّماغيّة، والإجهاد البدني النّاجم عن الولادة المبكرّة جداً.

ليس العلاج بالموسيقا جديداً فقد عرفه الإنسان منذ القدم، ويعدّ الفارابي أشهر من عالج بالموسيقا في البيمارستانات، وآلته الموسيقيّة الشّهيرة ما زالت شاهداً على ذلك.

إنّ ترابط العالمين الفيزيائي والروحي في الإنسان، أمر حقيقي يظهر بشكل قويّ في حالات المرض، ويترتب على ذلك بالطّبع الإقرار بأنّ الحاجات الروحيّة والثّقافيّة متساوية إلى حد كبير، فالحاجة إلى إشباع هذه الحاجات وتطوير المؤسسات الثّقافيّة المسؤولة عنها له دور كبير، وليس إهمال هذه الحاجات إلاّ وحدة للإنسان، ومسبّباً قوياً في العديد من الأمراض.

على أمل قوى الموسيقا العلاجيّة ولدت المعالجة بالموسيقا، إذ يدرس المعالج علم النفس ما بعد الدّراسة الجّامعيّة في الموسيقا، للحصول على شهادة خاصّة يستطيع العمل بعد ذلك في المستشفيات ودور العجزة، والفصول الدّراسية لذوي الاحتياجات الخاصّة ووحدات إعادة التّأهيل، ويهدف المعالجون بالموسيقا لتهدئة المريض، وتحفيز قدراته التي خسرها جرّاء المرض أو الإصابة، ودعمها وتطويرها أو استعادتها بينما يستخدم المعالجون بالموسيقا مزيجاً من الارتجال والتّقنيات التي أثبتت نجاحها لمساعدة المرضى، ويتطلّع علماء الأعصاب إلى الكشف عن الأساس العلمي لقوى الشّفاء الموسيقي، ويحاولون فهم كيف أنّ الموسيقا يمكن أن تساعد في إعادة شحن الدّماغ المتضرّر من المرض أو الإصابة، أو تحسين عمل المناطق الدّماغية المصابة أو ضعيفة الأداء.

ويأملون من خلال القيام بذلك، في تحديدٍ أفضل، أي مَنْ مِنَ المرضى يستجيب بشكل أفضل للموسيقا، وما التّقنيات الموسيقيّة التي قد تساعدهم بشكل أفضل لاستعادة وظيفة فقدت. يمكن من خلال نوع من العلاج يسمّى علاج التّرنيم اللّحني، أن يتعلّم المرضى الذين تضرّرت مناطق النّطق الدّماغيّة لديهم، الاعتماد على مناطق الدّماغ التّالفة، من خلال التّحكم بالجّوانب الإيقاعيّة والنّغمية للّغة، وتجاوز مسارات الكلام على الجانب الأيسر الذي دُمّر من الدّماغ، بعبارة أخرى، يجد المريض طريقه مرّةً أخرّى إلى اللّغة من خلال الموسيقا. هذا إضافة إلى أنه إفراز الدوبامين أثناء الاستماع إلى الموسيقا، وهو مادّة كيميائيّة شعوريّة تسبّب الإحساس بالرّاحة، كما تؤثّر الموسيقا على جهاز الدّوران، وتسبّب راحة في الأوعية الدّمويّة، وترفع المزاج وتخفّض القلق، وتخفّف من الاكتئاب.

فارموا وراءكم هموم الحياة، واسمعوا الموسيقا، وخذوا قسطاً من العلاج بها!

 

العدد 1105 - 01/5/2024