القرارات «غير الشعبية» تقصم ظهر المواطن ولا تصب في مصلحة الوطن!

في جلسة مجلس الشعب المنعقدة بتاريخ 20 أيار 2009 فاجأ النائب الاقتصادي السيد الدردري الجميع بقوله: (إن الحكومات تتخذ قرارات قد تبدو غير شعبية، لكنها في النهاية تصب في مصلحة الوطن). وهكذا أصبحت حزمة من القرارات (غير الشعبية) التي أضرت بمصالح الغالبية العظمى من العمال والفلاحين والصناعيين والحرفيين، كانسحاب الدولة من ممارسة دورها التدخلي في الحياة الاقتصادية، ورفع أسعار المازوت، وتخفيض العبء الضريبي على متلقي الأرباح، وتمويل عجز الموازنة عن طريق زيادة الرسوم الضرائب غير المباشرة، والتحرير المتسرع للتجارة الخارجية، أصبحت حسب منطق الطاقم الاقتصادي في تلك الحكومة، قرارات تصب في مصلحة (الوطن).

ونتيجة لتلك القرارات (الوطنية) قفزت نسبة البطالة ارتفاعاً من 11 إلى  18%، ونسبة الفقر من 31 إلى  38%، وارتفعت أسعار المواد الأساسية للمواطن بنسبة تزيد على 60%، وأصبحت حصة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي نحو 70%، مما أدى إلى تراكم غضب الجماهير الشعبية، الذي كان أحد أسباب ما نحن فيه اليوم.

في زمن الأزمة.. والحصار.. والحرب المتنقلة بين المدن السورية.. والتهجير والخطف والاعتقال وتدفق أصحاب الأكفان السوداء.. والأفكار الظلامية.. والمعاناة الشديدة التي واجهتها الفئات الفقيرة،كيف ستنعكس القرارات (غير الشعبية) على ما تبقى من قدرات من لا يملكون إلاّ قوة عملهم؟

نفهم جيداً أن الدولة تعاني شحاً في إيراداتها، لكن ما لا نفهمه.. ولا نقبل به هو  زيادة هذه الإيرادات من جيوب من يقفون صامدين في وجه التدخل الخارجي.. والفكر الإرهابي الإقصائي، ويقاسون الأمرّين لتأمين لقمة الخبز..!

اتجِهوا إلى مراكمي الأرباح.. ومقتنصي الفرص.. وأثرياء الأزمات.. وسماسرة الصفقات المريبة، والمتهربين ضريبياً.. والمضاربين في الأسواق البيضاء والسوداء، فهم نجوم ما قبل الأزمة.. وهم من يحصدون المليارات اليوم، وتتقاطع مصالحهم مع مصالح المصعّدين والرافضين لأي حل سلمي للأزمة السورية التي أنهكت السوريين.. وأدمتهم.. وهجّرتهم.. وأفرغت جيوبهم.

انتبهوا.. القرارات (غير الشعبية) لن تصبّ أبداً في مصلحة الوطن، ما دامت موجهة ضد الكتلة الشعبية الكبرى.

 

 

العدد 1105 - 01/5/2024