حل الأزمة السورية في خطاب القسم الرئاسي

لا ينظر إلى القسم الرئاسي السوري في 16 تموز الجاري، على أهميته ومدلولاته، بوصفه قسماً رئاسياً اعتيادياً أو بروتوكولياً، ذلك أنه قسم أتى في ظروف سورية غير طبيعية، وأنه تضمن في الكثير من نقاطه المسائل الملحة التي أكدتها تباعاً الأزمة السورية منذ أكثر من ثلاث سنوات. ويأتي هذا القسم بعد إنجاز الاستحقاق الانتخابي الرئاسي الذي أكد فيه السوريون مرة أخرى، ولاءهم لسورية، دولة وكياناً، ورفضهم كل المناورات الخارجية والإقليمية التي هدفت إلى تأجيله أو عدم إنجازه أصلاً.

ومثّل بذلك خطوة كبيرة أخرى على طريق تعزيز الاستقلالية الوطنية الداخلية السورية، بوصفها البوصلة لكيفية تعاطي السوريين مع المهام الجسام التي انتظرتهم وماتزال. وعكس في الكثير من فقراته الهموم السورية الوطنية الداخلية، كذلك الموقف من تعامل الآخرين، سوريين وغيرهم، مع هذا الاستحقاق وتبعاته.

فقد أكد القسم الرئاسي أن حل الأزمة السورية التي تعانيها البلاد، هو حل داخلي أولاً، وقبل أية حسابات أخرى، بغض النظر عن طبيعتها واستحقاقاتها ومتطلباتها أيضاً. كما أكد أن ما ينتظر السوريين كثير وكثير جداً، وعنوانه ماهية حل الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، دون إشارة إلى نجاح برامج الآخرين (محليين ودوليين) في تحقيق مخططاتهم.. مركزاً على صمود سورية (دولة وشعباً)، في وجه المخطط الكوني، وعلى الإنجازات الميدانية الهامة المتتالية، التي يحققها جيش البلاد وما يمثله أيضاً.

تضمن القسم الرئاسي العديد من المسائل الهامة التي تعكس مواقف السوريين ومشاعرهم أيضاً، والمتلخصة في ضرورة استمرار المصالحات الوطنية المناطقية التي تشكل ركناً أساسياً من توجهات البلاد، وبوصفها خطوات عملية تفتح الطريق واسعاً للحوار الوطني الداخلي السوري- السوري وليست بديلاً عنه.

كما تطرق إلى المواقف الإقليمية والدولية المنشغلة بالأزمة السورية سلباً أو إيجاباً، ووضح مرة أخرى الموقف السوري تجاهها، مؤكداً أن الحل لا يمكن إلا أن يكون سورياً بامتياز، وأن خطط الآخرين (عرباناً) وأدوات إقليمية و(دولية)، قد منيت بالفشل الذريع، من خلال المشاركة الكثيفة وغير المسبوقة في الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، وفي نتائجه أيضاً، التي تؤكد مرة ثانية إصرار السوريين على ولائهم لوطنهم وسياساته وتوجهاته الوطنية، الهادفة إلى تعزيز صمود سورية وتحقيق أهدافها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً أيضاً.

ورغم العناوين الهامة العديدة التي تضمنها خطاب القسم،والتي ألمت بالقضايا الداخلية، على تنوعها وتعقيداتها، بوصفها عنواناً أساسياً للصمود الوطني السوري، ودقة السياسة الخارجية، التي حافظت على بوصلة التوجه الوطني واستحقاقاته، فإن هذه العناوين التي أشرنا إليها تباعاً، وعلى امتداد عمر الأزمة السورية، وتبعاتها المريرة والقاسية، مازالت هي الوجهة الوحيدة لكيفية تجاوز هذه الصعوبات وإغلاق ملفها نهائياً.

ويتصدرها تطلعات الشعب السوري بمكوناته، نحو الحلول الجذرية لهذه الإشكاليات القائمة، أو المفتعلة، وفي الصدارة منها القضايا الاجتماعية – الاقتصادية، وتالياً السياسية التي تفعل فعلها في مواقف طبقات المجتمع السوري وفئاته وشرائحه.. كذلك في كيفية تعاطيها مع أمانيه ورغباته في العيش الحر والآمن والمستقر أيضاً.. وفي إنجاز الحقوق المواطنية والفردية والمجتمعية لأبناء الوطن، وتجاوز المحنة التي تعيشها سورية، والتي تساعد في تقصير فترتها المؤلمة، وفي إغلاق هذا الملف الذي انشغلت به سلباً الأدوات والوكلاء والمأجورون.

إن مواصلة نهج المصالحات الوطنية المناطقية وسياساتها، رغم ما يعتريها من ملاحظات هنا وهناك، بوصفها إحدى حلقات الحوار الوطني الداخلي السوري، واستمرار تصدي سورية لمخططات أعدائها الدوليين والقائمين عليها محلياً، يتطلب استمرار الإمساك ببوصلة الوطن، وكيفية حمايته، ومقومات تصديه لهذه المشاريع اللاسورية، والتفاف الغالبية الساحقة من أبنائه حول برنامج الصمود الوطني الداخلي، رغم صعوباته، ومواجهته خطط المأجورين والأدوات الرخيصة.

وكما أثبت الشعب السوري، بقواه وأحزابه ورموزه الوطنية وجيشه الباسل، في استحقاقه الرئاسي، ولاءه للوطن، ورفضه مشاريع (الشرق أوسط الجديد)، و(الفوضى الخلاقة) الأمريكية.. إلخ، فإنه يؤكد تمسكه بعناوين القسم الرئاسي نحو سورية أكثر عدالة اجتماعية، وأكثر تمسكاً بقيمها الوطنية وعلاقاتها وتحالفاتها من أجل غد أفضل للوطنيين السوريين جميعاً.

العدد 1107 - 22/5/2024