هديتنا لهنّ في عيدهن: وطن..

 عشت آلاف السنين.. ودفنت آلاف المرات.. وانتفضت من قبري، لتعيد تكويني من جديد همسات صبية، مسّ العشق شغاف قلبها، وتغلغل الحب في فضاءات روحها، فراحت تبعث الحياة في الأجساد الراقدة.. والنفوس الميتة، وتحوّل الصخر الأصم إلى كائنات هلامية شفافة.

وها أنا ذا أغادر مرقدي مكفّناً بذراعيها.. مدفوناً بصدر من هزّتْ سرير طفلها بيمينها.. وهزتْ العالم بيسراها .

هي البداية.. في خافقها أسرار الحياة.. في صمتها فلسفة الكون والوجود.. في نطقها حكايات المواسم ونايات الرعاة وترانيم الحب.. والفرح.. والأمل.. في حنايا صدرها دفء يذيب جليد نفوسنا، ويجعلنا أنقياء أمد الدهر..

يا أمهات سورية الصابرات.. المناضلات.. يا مَن وهبتنّ بلادنا عمالقة التنوير.. وأبطال الحرية.. وشهداء سورية الواحدة الموحّدة..

ننحني.. ونركع في عيدكنّ، ولن نهدأ حتى نهديكنّ وطناً آمناً.. موحداً.. معافى.. لا تُكبت فيه الحناجر.. ولا تُقطّع فيه الأوصال.. ولا يضام فيه الياسمين..

العدد 1105 - 01/5/2024