… وتبقى ذكرى الجلاء عروس المناسبات.. وعيد الأعياد

 (نيسان.. يخرج الليلك من الأرض الموات.

يمزج الذكرى بالرغبة.

ويحرّك خامل الجذور بغيث الربيع..). ت.س.إليوت

لعلَّه من بوابة إتمام النعيم على خلقه، وربما من (طاقة) امتحانه لهم، جعل الخالق الوردَ أنواعاً وألواناً، ولبعضه -وقد يكون أندرها وأذكاها ـ شفاهاً وخدوداً.

***

لنيسان في هذه البقعة من وطننا الكبير، المعروفة ببلاد الشام، ولا سيما في سورية، طبعه وطعمه ودلالته.

في نيسان يغادر الطبيعة كثير من جهامة وجِدّية، لازمتاها طوال شهور. ويحل محلها ما اشتاقته، واشتاقه محبّوها، من قسمات زهو ولهو..

يتحرر الأحياء والأمداء والأشياء، من طقوس العتمة والظلمة والسواد، ليطاقسوا الضوء والشمس والبياض..

***في نيسان، حين تفصح البراري عمّا زرعه فيها المطر، وتقرأ الأرض على وَرَثَتِها، ما اكتنزته لهم في أعبابها، من هدايا منذ سَنَةٍ خَلَت..

يلتقي غير عيد معيّديه، وتبقى(ذكرى الجلاء) مثابة الأحبة عروس المناسبات، وعيد الأعياد، فيه تتداعى سورية بناتاً وأبناء، شيباً وشباباً، من مختلف الجهات والفئات والمشارب والألوان والأديان، فتنصب الزينات، تحضر الولائم، ترفع الأنخاب..

في نيسان من كل عام، تتفتق الأزرار:

أزرار الورود والأزهار والأفكار، شعائر بهجة ونوَّارات أمل، منوعة الأشكال والأحجام والعبير والأنوار..

أزرار النهود والعقود والأكمام والأحلام.

وتتنفس جمالات الصبايا، على اختلاف طعمها وطعنها، الصعداء، معلنةً نفسها بحرِّية أكثر، آيات وردٍ بشرية، عابرة للفصول وللعقول!

***

في نيسان قبلاً، الآن، وبعد..

وكما تضجُّ بنسغها الفروع والأغصان والأوراق، كذلك تزدهي وتأتلق خمائل الإبداع-بسبع فنونه -في الإنسان.

ولما كان من شِيَم الإبداع، انفتاح نصِّه، وكان لكلِّ مقالٍ بَدءٌ وختامٌ. فسيحلو لنا أن نختم هنا، بأغنية من وحي نيسان،عنوانها (الكلمة بنيسان بتحلا)

 يقول مطلعها:

(الكلمة بنيسان بتحلا وبتفتّح زهرْ

وغصن الزيتون بيكبر من شهر لشهرْ

وكلّ الأبطال الضحّوا بنيسان الحبْ

ماتوا لتحلا الدنيي ويزول القهرْ..)

*******

* أغنية من كلمات رياض العبد الله، وألحان الفنان الراحل فارس هلال، وغناء فرقة الشمس (فرقة موسيقية  في الحزب الشيوعي السوري

العدد 1105 - 01/5/2024