ندافع عن مدنيّة محافظة السويداء

مجرد رأي ليس غير…. وهو غير موجّه ضد أحد، لكنه في الوقت نفسه موجّه للجميع… نداء يهيب بالضمائر الحرة المتحررة!

بئس الشعار الذي يحرك الغرائز والبديهيات!

ونعم الشعار الذي يحرك العقل وروح الحياة! ينتشر الآن شعار: هبّوا للدفاع عن الأرض والدين والعرض!

أتساءل: من لا يدافع عن أرضه وعرضه؟ أليس الدفاع غريزة بوجه الغاصب، سواء كان أجنبياً أو ابن البلد؟

محافظة السويداء سقفها أعلى في تحشيد الناس، على ما أظن…وأرجو ألا يخيب ظني… أعتقد أن بيننا من لا يملك أرضاً، ولا مشاريع زراعية، ولا عقارات وليس له بنات ولم يرزق بأولاد.. لكنه سيهبّ للدفاع عن مدينته وأرزاق غيره، وليكن جاره القريب..

أجدادنا حين ثاروا دافعوا عن كل سورية في ثورتها ضد العثمانيين والفرنسيين.

إننا إذ ندافع عن محافظتنا، فنحن ندافع عن جغرافيا أصبحت فيها الأميّة صفراً.. والحياة المدنية على مصراعيها…فيها الجامع والمجلس والكنيسة متجاورة.. لا زيّ يميز بين طائفة وأخرى…عادات اجتماعية تصل إلى درجة الالتحام.. أعرف مسيحيين ومسلمين يرتدون الزي الدارج نفسه.. لديهم المضافة نفسها، وأعرف دروزاً عمّدوا أبناءهم في الكنائس.. ولا يوجد من يمنع أحداً من دخول الجوامع..خسرنا شهداء من جميع الطوائف: مدرسين، أطباء، مهندسين…فنانين.. شعراء… إذاً، دافِعوا عن مدنيّة هذه المحافظة! وعن العيش المشترك!

عن محافظة مستويات الجريمة والتسول فيها تكاد تساوي الصفر.. عن امرأة حرة في اختيار مصيرها لا تتزوج بالإكراه.. عن فتاة يجوع أهلها كي تتعلم في الجامعة!

ارفعوا مستوى النداء بما يليق بمستوى هذه المحافظة المتعددة الطوائف.. والتي هي حجر راسخ من بنيان سورية المستقبل.. مثلما كانت وستبقى..

العدد 1105 - 01/5/2024