كي لا ننسى: الرفيق عبدالله نكد (ابو جورج) وصمود الشيوعي

في السنة الأخيرة من حكم أديب الشيشكلي، الدكتاتور السوري الذي حكم سورية بالحديد والنار، واضطهد الشعب وقمعه، ومنع الحريات الأساسية للإنسان، وأغلق الأفواه وكمّمها، وحلّ الأحزاب السياسية كلها، وسلّط أزلامه من صغار العملاء و(العواينية) على الناس، كان حزبنا الشيوعي السوري يعمل للخلاص من هذا الديكتاتور.وكانت منظمة الحزب الشيوعي السوري في الزبداني منظمة مجتهدة ونشيطة، ومن قيادات الفرعية فيها الرفيق عبدالله نكد (أبو جورج)، والرفيق إيلي نصرالله وبعض الرفاق الآخرين، وكانت قيادة الحزب تهتم بها لقرب البلدة من لبنان كثيراً ولإمكانية الصلة مع الرفاق في لبنان، لاسيما أن لنا رفاقاً في تلك القرى الحدودية اللبنانية، خاصة في رعيت وأوسايا ودير الغزال.

وكانت مطبوعات الحزب تطبع في لبنان، وكانت منظمة الزبداني مكلفة بجلب مطبوعات الحزب من بلدة أوسايا اللبنانية إلى الزبداني، وتنقل بعد ذلك إلى دمشق، ومن هناك توزع إلى عدة محافظات.. وهكذا فإن منظمة الزبداني قد كلفت الرفيق (أبو جورج)، وهو من قدماء الرفاق ومن شيوعيي الأربعينيات (القرن العشرين)، بأن يجلب تلك المطبوعات من أوسايا إلى الزبداني، وكنا نحن شباب المنظمة، وأنا واحد منهم، وقد نظمت في الحزب عن طريق أستاذ اللغة العربية الرفيق نصر الدين البحرة في مدرسة الملك العادل، نلاقي الرفيق أبا جورج إلى منطقة وادي قاق ونرصد له الطريق، ثم نحمل معه المطبوعات إلى المكان المجهز لها، وفي الليلة ذاتها تنقل إلى دمشق.

وأذكر الرفيق أبا جورج بشرواله الزبداني الأسود، وأحياناً جاكيته السوداء. كنا بعد انتهاء المهمة نستريح في بيت الرفيق أبي جورج، ونأكل الكبة الزبدانية من يدي أم عبدالله وأم جورج. وفي يوم اصطدمت دورية من الشرطة وجهاً لوجه مع الرفيق أبي جورج، وكانوا نحو ستة أفراد من الشرطة، وفي المعركة تغلب الرفيق على ثلاثة منهم ونحن الشباب، وكنا اثنين بأعمار خمس عشرة سنة (أنا والرفيق حنين نصرالله) لم نستطع مساعدة الرفيق أبي جورج كثيراً، وقبض عليه وعلى المطبوعات.. وأُشبع ضرباً ولكماً في سراي الزبداني واستطعنا الهروب ولم يقبض علينا.. ورغم التعذيب والقتل لم يعترف الرفيق أبو جورج علينا، وبعد يومين سيق الرفيق أبو جورج إلى سجن المزة، وهناك عذّب طويلاً ونال من العذاب الشيء الكثير ولم يعترف لا على منظمة الزبداني ولا على من يسلّمه المطبوعات في لبنان.

تابعت المنظمة جلب المطبوعات من لبنان ومنها جريدة الحزب، وظل الرفيق أبو جورج في سجون الشيشكلي حتى نهاية حكمه، أي استمر في السجن يعاني التضييق والتشديد نحو سبعة أشهر..

العدد 1105 - 01/5/2024