تصريحات مهمة للرئيس الروسي بوتين

ازدادت في الآونة الأخيرة إشارات التصعيد السياسي الأمريكي ضد روسيا الاتحادية، وما من شك بأن هذا التصعيد الأمريكي ناجم عن شعور إدارة الرئيس الأمريكي أوباما بانسداد الأفق التاريخي أمام واشنطن بما تمثله من حماية لرأسمال المالي العالمي، وبفشل مراهنتها على العديد من الملفات السياسية التي تعمل عليها في أنحاء مختلفة من العالم، وبضمن ذلك الملفين السوري والأوكراني. وبذلك تدرك موسكو انسداد الأفق هذا أمام واشنطن، فتؤكد من جديد مجموعة من مواقفها الثابتة حيال العديد من المسائل الدولية، وجاء هذا التأكيد على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه في أكثر من مناسبة مؤخراً.

ففيما يتعلق بالموقف من الأحداث الدائرة في سورية، قال بوتين في كلمة له في المنتدى الاقتصادي الدولي في بطرسبورغ رداً على سؤال حول أن تطلب روسيا من الرئيس الأسد التخلي عن منصبه كرئيس للجمهورية:

(إن هذا الموضوع لا يمكن لأحد أن يطرحه سوى الشعب السوري ذاته، وإننا مستعدون للاستمرار بالعمل مع الرئيس الأسد لضمان الطريق إلى التحولات السياسية، كي يشعر المواطنون السوريون جميعاً بإمكانية الوصول إلى آليات للحكم وللابتعاد عن المواجهة المسلحة، ولكن ذلك لا يكن تحقيقه عن طريق استخدام القوة).

هذا الكلام قطع الطريق على ما روج له الإعلام الغربي والإعلام العربي المتحالف معه مؤخراً، حول تغيّر طرأ على الموقف الروسي من سورية، ذلك أن روسيا بقيادة الرئيس بوتين منذ الأيام الأولى لاندلاع المواجهات في سورية، ومطالبة المجموعات الإرهابية المسلحة ومن يقف وراءها في الخارج من معارضة الفنادق ودول إقليمية وعربية بتنحي الرئيس الأسد، أكدت أن هذا الأمر، أي بقاء أو ذهاب الرئيس بشار الأسد، يعود للشعب السوري نفسه، وأنه لا يحق لأية دولة أن تطلب منه التنحي لأنه رئيس منتخب وشرعي.

كما بيّن الرئيس الروسي من خلال كلمته التي أشرنا إلى بعض ما جاء فيها أعلاه موقف بلاده الداعي إلى عدم استخدام القوة المسلحة طريقاً للوصول إلى الحكم من قبل ما يسمى بـ(المعارضة).

إلى جانب ذلك أشار الرئيس الروسي أن روسيا لا يمكن أن تسمح بأن يتكرر السيناريو الذي حدث في كل من العراق وليبيا في سورية..

إذاً، بهذا الشكل الواضح أكد بوتين الموقف الروسي من الأحداث السورية، قاطعاً الطريق على كل الإشاعات التي تداولتها بعض الأوساط الإعلامية الغربية والعربية السائرة في ركابها.

أما ما يتعلق بالتسريبات الصحافية الأمريكية التي تشير إلى نوايا الولايات المتحدة بنشر أسلحة أمريكية ثقيلة على الحدود الغربية لروسيا (أي صواريخ مجنّة وباليستية في أوربا الشرقية، وأسلحة نووية في بريطانيا)، علاوة على دعم الجنود الأمريكيين المتمركزين في دول شرق أوربا بالدبابات والمعدات العسكرية الحديثة الأخرى، حيال ذلك وفي افتتاح منتدى (الجيش 2015) في مدينة كوبينكار في ضواحي موسكو، أعلن الرئيس الروسي رده الواضح والحازم قائلاً: (إذا وضع أحد ما بعض مناطقنا تحت التهديد، فهذا يعني أننا سنوجه قواتنا المسلحة وقوتنا القتالية الحديثة نحو تلك المناطق التي يأتي منها التهديد.. حلف الأطلسي هو القادم إلى حدودنا، ولسنا نحن من تحرك إلى أي مكان).

هكذا الأمر، العين بالعين والسن بالسن، وهنا تجدر الإشارة إلى أن منتدى (الجيش 2015) افتُتح بأكثر من 5000 ابتكار عسكري جديد.

أما ما يتعلق بمنظومة الدرع الصاروخية، فقد أعلن الرئيس بوتين عن مفاجأة من العيار الثقيل، وهي أن القوات النووية الروسية سوف تحصل في العام 2015 على أكثر من 40 صاروخاً باليستياً جديداً عابراً للقارات، وبالتالي ستكون هذه القوات قادرة على اختراق أية منظومات دفاعية حديثة، وفي هذا إشارة واضحة إلى منظومة الدرع الصاروخية في أوربا.

إذاً.. من الملاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية تنقلب اليوم على معاهدة (روسيا – الناتو 1997) التي تعهد فيها حلف شمال الأطلسي بعدم نشر قوات عسكرية كبيرة للحلف في بلدان أوربا الشرقية، كذلك تعمل الولايات المتحدة على إطالة أمد النزاع الأوكراني، بل هي تستميت في ذلك من خلال دعمها للقوى الانفصالية في أوكرانيا التي اغتصبت السلطة بالقوة العسكرية بعد أن رفضت الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحكومة الأوكرانية السابقة والانفصاليين.

هذا وفي الوقت نفسه تحرص واشنطن على رفع حالة التأهب لدى دول أوربا الشرقية عبر التلويح الدائم بما تسميه (الخطر الروسي)، ولكن رغم كل ذلك فإن موسكو وحلفاءها في دول (البريكس) وغيرها يقفون بالمرصاد للتحركات الأمريكية ويعملون على إفشالها تحركاً بعد الآخر.

العدد 1105 - 01/5/2024