سادة المصباح

مُسميات كثيرة أطلقت عليها(ملائكة الرحمة _الجنود المجهولون _أصحاب الأيادي البيضاء) طبعاً كل هذه المُسميات كانت من نصيب من يمارس مهنة التمريض التي تُعتبر من أسمى المهن الإنسانية، فقد كانت أول ممرضة (فلورنس نايتينجيل) التي اعتُبرت رائدة التمريض في العالم ولُقبت ( بسيدة المصباح أو السيدة حاملة المصباح) وقد اختير يوم ميلادها يوماً للمُمَرّض العالمي. كذلك ظهرت هذه المهنة عند العرب من خلال الصحابيات اللواتي برزن خلال حروب الفتوحات الإسلامية.

 لذلك، من مِنّا يمكن أن يتجاهل دور الممرض المهم..؟ فهو من يقدم لك الإسعاف الأولي لحين حضور الطبيب ويعاين الحالة. لذا هو ذاك الجندي المجهول الذي قلّما يُعطى حقّه وتُقَدَّر مكانته في مجتمعاتنا وضمن الدوائر الرسمية، إلاّ أنه كان ولا يزال ملاك الرحمة الذي لا يتوقف عن تقديم يد العون والرحمة والعناية لكل من يريدها دون اكتراث لما يعانيه هو.

من مِنّا يستطيع أن يتجاهل دور الممرض سواء في المستشفيات أو في عيادات الأطباء، وخاصة خلال الأزمة السورية وما خلفته من آلام في نفوس السوريين، وما تركته من أضرار جسيمة لاسيما خلال التفجيرات والاشتباكات، فكم من حالة تأتي إلى المستشفيات بحاجة إلى دعم نفسي وترميم حسي قبل الترميم الجسدي ويستقبلها الممرض محاولاً تخفيف الألم، ورغم ألمه الخاص فإنه يعيش كل حالات الوجع المشترك على هذه الأرض، ألا يستحق منا هذا الجندي المجهول صاحب اليد البيضاء كلمة شكر..؟

لنقول له شكراً على الإنسان الذي تحمله بداخلك. ولأن قطّاع التمريض هو العامل الخدمي الأكبر في الرعاية الصحية، تعتبر هذه المهنة من الخدمات الهامة لمساعدة الفرد سواء كان مريضاً أو سليماً على القيام بمتطلباته اليومية معتمداً على نفسه قدر الإمكان. ومن هنا، يحتاج المُمَرِّض إلى قوة الملاحظة لتحديد احتياجات المصاب، أيضاً يحتاج إلى أساس من العلوم الطبية والاجتماعية لمساعدته في التعامل مع الأفراد الأصحاء أو المُعاقين، كما يتعامل مع الأطفال حديثي الولادة والأطفال والشباب وكبار السن، لذلك فعند إعداد العاملين من هيئة التمريض يجب الاهتمام بمتطلبات وواجبات الخدمات الصحية المتوفرة بالبلاد والتركيز في إعداد المُمَرِّض في معاهد ومدارس التمريض على ما يلي:

1- المحافظة على الصحة والنهوض بها إلى أعلى مستوى.

2- وقاية الفرد والأسرة من المرض.

3- رعاية المرضى والمعاقين وتأهيلهم للعيش مع إعاقتهم ورعاية المسنين كذلك.

كما ركّزت النظريات التمريضيّة الناشئة في منتصف القرن العشرين على أربعة محاور رئيسية تمثّلت( بالفرد والبيئة والمجتمع والتمريض)، وتَلعب هذه النظريّات دوراً مهمّاً في المهنة، إذ يُستمد منها المبادئ والخطا التي يجب السير عليها خلال ممارسة المهنة وتطبيقها.

أيضا تتمثل منهجية التمريض بالدور الذي يؤدّيه المُمَرِّض ويقدّمه للمجتمع، وبالتزامن مع عصر الثورة العلمية والتكنولوجية في القطاع الصحي، اتسع الدور الذي يؤديه المُمَرِّض ليمتد ويتشعّب ويشمل عدداً من الأدوار إلى جانب الرعاية الجسدية المقدمة للمريض.

وأخيراً ننتهي إلى القول إن مهنة التمريض تتّصف بأنها مهنة إنسانية، وهي عبارة عن فنٍّ وعلم ينتهجه المُمَرّض لتقديم الخدمات العلاجيّة للمجتمع حفاظاً على صحة الفرد وبقائه سليماً، كما يهدف التمريض إلى مراقبة الحالة الصحية للمريض خلال رقوده على سرير الشفاء والحدّ من المضاعفات التي قد ترافق المرض.

فكل التقدير لهذا الملاك المُتَجسِّد في هيئة بشر يمد لنا يد العون مع الابتسامة الشفافة لتكون عربون شفاء من جندي مجهول قدم لنا المساعدة أولاً، ومهد نفوسنا لتستقبل الطبيب، ومع هذا بقي إلى جانبنا مساعداً لنا وللطبيب معاً.

فهو حقاً سيد المصباح وهي أيضاً سيدة المصباح، وكلاهما ملائكة الرحمة في مهنة التمريض.. مهنة الإنسانية. 

العدد 1105 - 01/5/2024