التلوث البصري يؤذي الصحة النفسية

التلوّث هذا اللفظ القديم الحديث, المرض الخطير الذي أصاب البيئة بكل عناصرها دونما استثناء, وازداد تفاقماً في هذه الفترة الصعبة لنرى بأننا أمام تلوّث من عدة أشكال يرجع السبب الرئيسي فيها للإنسان, والمتضرر منه أيضاً الإنسان, والكائنات الحية الأخرى.

ولعلّ التلوّث في مفهومه هو إحداث تغيير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان وأنشطته اليومية, مما يؤدي إلى ظهور بعض الموارد التي لا تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي ويؤدي إلى اختلاله.

فمما سبق نلاحظ أن السبب المباشر وراء التلوّث هو الإنسان, ذلك أن التوسع الصناعي والتقدم التكنولوجي وسوء استخدام الموارد كلها مرتبطة بالإنسان الذي يتكاثر ويصنع ويستخدم هذه المواد.

ولعل للتلوّث مستويات في الخطورة، فهناك:

1- التلوّث غير الخطير: وهو الذي يستطيع الإنسان أن يتعايش معه.

2- التلوّث الخطر: وهو الذي له آثار سلبية تؤثر على الإنسان وعلى البيئة التي يعيش فيها ويرتبط بالنشاط الصناعي بكل أشكاله.

3- التلوّث المدمّر: وهو الذي يحدث فيه انهيار للبيئة والإنسان معاً، ويقضي على كافة أشكال التوازن البيئي كافة، وهو متصل بالتطور التكنولوجي.

وللتلوث أنواع ومنها:

تلوّث الهواء-  تلوّث الماء-  تلوّث الغذاء-  التلوّث البصري-  والتلوّث السمعي-  وتلوّث التربة- والتلوّث بالنفايات وغيرها من أنواع التلوّث.

وطبعاً جميعها لها أضرار خطيرة تطول الإنسان:

فالتلوث البصري يُعتبر أحد أقسام التلوث الذي تُعاني منه المدن، فهو منظر مزعج للناظر ومرهق للعين, لذا، يُعتبر هذا التلوّث على أنه تشكيلات غير نظامية متنافرة لا تُريح الناظر إليها، وذلك مثل (إلقاء الفضلات عشوائياً وكذلك الكابلات والمباني البالية المتهالكة والكتابة على الجدران وكل ما يحدُّ من قدرة المرء على التمتع بالنظر)) لذلك بتنا نرى التزايد السكاني والعمراني سبباً للنفور النفسي وخاصة في مناطق العشوائيات، الأمر الذي يُشكّل تأثيراً على الصحة النفسية والعقلية للسكان. ولعلّ الإهمال الإداري, والإعلانات العشوائية, والأعمال التخريبية والتهديم من أهم أسباب هذا التلوّث, ولا ننسى أيضاً أن من الأسباب الهامة:

1- سوء التخطيط العمراني لبعض المباني.

2- أعمدة الإنارة في الشوارع التي لا تتناسب معها.

3- صناديق القمامة بأشكالها التي تثير النفور بالنفس.

4- اختلاف الطلاء الخارجي لواجهات المباني.

5- الألمنيوم والزجاج اللذين يعتبران مصدراً لبعث الحرارة وارتفاعها.

6- انتشار القمامة في مساحة الأراضي الفارغة.

7- انتشار المساكن في مناطق القبور.

8- المباني المهدمة بين العمارات الشاهقة.

9- السيارات المحطّمة وسيارات البضائع المحمّلة بشكل غير متناسق.

10- اللوحات الإعلانية المعلّقة في الطرق وعلى المحلات التجارية وعلى الجدران بألوان متضاربة وغير متناسقة.

11- إقامة مبان أمام المناظر الجميلة مثل شواطئ البحار وعند الأنهار.

كذلك لا يمكن أن نتجاهل أضرار التلوث البصري وتأثيره على نفسية الإنسان, حتى لو لم نلحظ هذا التأثير، لكن يجب أن نعلم وبشكل يقيني أن المحيط الذي يعيش فيه الإنسان يؤثر عليه بشكل كبير, فمن يسكنون في مناطق تتمتع بالمزروعات, تختلف أفكارهم وطرق تعاملهم عمّن يسكنون في أماكن تكثر فيها القمامة, وهذا ليس مجرد افتراض, بل إن الأبحاث أثبتت أن اللون الأخضر في الأشجار والمزروعات له تأثير ايجابي على الصحة النفسية، إذ يساعد الإنسان على الاسترخاء والإحساس بالسكينة.

لذلك علينا جدياً, أن نعمل على الحدّ من هذه الظاهرة التي تفشّت وخاصة في فترة الحرب الشرسة، كما علينا جميعاً حكومة وأفراداً مسؤولية الحدّ من التلوّث بكل أنواعه، لاسيما البصري. فالحكومات يجب أن تقوم بسن القوانين التي تعمل على مكافحة مختلف أنواع التلوّث بشكل فعّال بما يساعد على إيجاد أماكن خالية من التلوّث.

وعلى الأفراد أن يقوموا بالحدّ من التصرفات الفردية التي تُفاقم تلك المشكلة مثل (إلقاء القمامة في الشوارع بدلاً من إلقائها في صناديق القمامة المخصصة لها، والعمل على وضع خطط لتنظيم الأحياء العشوائية, وتوفير البنية التحتية, مع الاهتمام بنظافة الأماكن بشكل خاص).

يبقى أن التلوّث بشكل عام والتلوّث البصري بشكل خاص، يعتبر واحدة من المشكلات التي تعاني منها المجتمعات كافة، وبخاصة المجتمعات النامية ومنها العربية ويجب تكريس الجهود والمبادرات للحدّ منه.

 

العدد 1105 - 01/5/2024