أعيدوا النظر بزيادة سعر المازوت

اشتعلت الأسواق، ولَسع لهيبها جماهير شعبنا، في الوقت الذي كانت ترتعد فيه أوصال الفقراء وأولادهم من البرد، رغم تأكيد الحكومة أن زيادة سعر المازوت ستجعله متوفراً لتغطية حاجة المواطنين!

التعويض المعيشي للعاملين والمتقاعدين فقط جاء- حسب تقدير الحكومة- ليغطي زيادة سعر المازوت من 80 إلى 125 ليرة سورية، لكن الواقع يقول إن الزيادة كانت من 60 إلى 125 ليرة، أي أكثر من 100%، وهي زيادة كبدت العائلة التي تستهلك 800 ليتر مازوت على مدار السنة 52000 ليرة، وهو مبلغ لا يغطيه التعويض المعيشي، فماذا نقول عن تأثير هذه الزيادة على أسعار جميع المواد والخدمات؟

في عام 2006 أجرينا بعض الدراسات على انعكاس ارتفاع أسعار المازوت على سلة متنوعة من المواد والسلع والخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن السوري، فتبين أن كل 1% زيادة على سعر المازوت يؤدي إلى زيادة الأسعار بين 04,0 و06,0%، أي أن الزيادة التي طرأت مؤخراً وهي 100% ستؤدي إلى زيادة الأسعار بنسب تتراوح بين 40و60% في أسعار المواد الأساسية للمواطن، في وقت يحتاج فيه إلى دعم الحكومة ورعايتها، ليتمكن من الاستمرار في الصمود ومواجهة تداعيات الأزمة والحصار وفقدان المواد والإرهاب واحتمالات العدوان العسكري.

ذكر السيد رئيس مجلس الوزراء في جلسة مجلس الشعب منذ أيام أن الإيراد الذي سيتحقق من رفع سعر المازوت والغاز والخبز يبلغ 121 ملياراً، في حين يبلغ مقدار التعويض المعيشي 115 مليار سنوياً، أي أن الوفر المتحقق هو 6 مليارات ليرة فقط، وهو مبلغ لا يقارن بما سيلحق بالمواطنين من أعباء زيادة أسعار جميع السلع والخدمات الضرورية لحياتها المعيشية.

فلماذا لجأنا إلى هذا الإجراء إذا كانت عوائده زهيدة؟ هل المقصود إفهام المواطنين أن الدولة ستتنحى عن دورها الرعائي، وتسعيرها الإداري للمواد الأساسية؟!

إن إرهاق جماهير الشعب السوري في هذه الفترة الحرجة إجراء غير موفق، فمن اختار هذا العلاج لعجز الموازنة؟ ومن اختار التوقيت؟ وهل ينسجم مع تأكيد القيادات العليا وتركيزها على التضحيات التي تقدمها هذه الجماهير الشعبية وتعظيم دورها في المواجهة، والثمن الذي دفعته وتدفعه من دماء أبنائها العسكريين والمدنيين، والتهجير القسري الذي أُجبرت عليه؟

ماذا نقول عن أعباء الصناعيين والحرفيين الذين يشترون المازوت اليوم بـ155 ليرة، في ظل تراجع الطلب الكلي، وتقلص القدرة الشرائية للمواطن السوري؟!

ذكر وزير النفط أن دعم المازوت في العام الماضي بلغ 169 مليار ليرة سورية، ويبدو أن الربع الرابع من العام خلا من هذا الدعم بعد تراجع أسعار النفط عالمياً، وبالتالي انخفاض تكاليف استيراده من الخارج.. فلماذا لجأنا إلى زيادة أسعار المازوت الذي ألهب وسيلهب الأسواق، ولم نتدبر تأمين 169 مليار ليرة من وفورات أخرى في بنود موازنة عام 2015 التي ناهزت تريليون ونصف تريليون ليرة سورية؟

أعيدوا النظر في قرار زيادة أسعار المازوت، ومباركة جهودكم لدعم المواطن في مواجهته لقوى الإرهاب والعدوان.

العدد 1105 - 01/5/2024