من موسكو1 إلى موسكو2

منذ عام عادت الوفود من جنيف2 دون أي اتفاق، ولم يتوقف هيجان بعض أجنحة المعارضة، خاصة ما يسمى بـ (الائتلاف) المتعدد النوايا والهواجس وأحلام إسقاط الدولة السورية.

وبرزت أحداث متنوعة في مستوياتها العليا والدنيا، من الناحيتين السياسية والعسكرية والإرهابية.. وزادت معاناة المواطنين الشديدة من الغلاء وعدم توفر الطاقة (المازوت والكهرباء والغاز والبنزين وسواها..). وجرت تطورات إقليمية ودولية، أبرزها ما قام به ملك السعودية الجديد، الذي اتَّبع سياسة انقلابية هادئة دون أية ضجّة. وأحداث أخرى كثيرة مؤلمة وموجعة لن تنتهي في اليمن (السعيد).

وقبل أيام انتهى (منتدى موسكو1) بعد أربعة أيام من تبادل وجهات النظر والمواقف بين وفد الحكومة السورية ووفد من المعارضات السورية. وحسب رأي بعض من شارك في هذا المنتدى، قد تحققت بعض الإيجابيات، التي منها: ( التأكيد على الانتقال لموسكو2 ، واستمرار العملية التشاورية، وانكسار بعض من جدار الجليد بين الوفود المشاركة). ويرى آخرون: (أن النتائج تتناسب مع السقف الذي حدده الروس والأهداف الموضوعة له).

وصرّح رئيس الوفد الحكومي الدكتور بشار الجعفري عن بعض ما جرى في هذا الحوار وقال: إننا لم نحاور معارضة واحدة، وإنما معارضات، وأن الخلافات كانت كبيرة.. وموسكو مجرّد محطة لتبادل الآراء والأفكار والتحاور.. لكن الحوار السوري – السوري الحقيقي سيكون في دمشق، من دون أي تدخل خارجي.

السؤال: هل الموافقة على (موسكو2 ) تبشّر بأنّ خريطة طريق جديدة كما تحدَّث عنها لافروف سيتمّ وضع إحداثياتها في موسكو2؟

يبدو من خلال التصريحات والتداولات والحوارات في موسكو، أن بعض أغصان الحل السياسي قد تبرعمت وتبدّل لون أوراقها وأصبح أكثر ميلاً إلى الاخضرار. إننا كمواطنين سوريين ننتظر حلاً سياسياً ناجعاً، هو بالتأكيد الحلم المنتظر الذي يحتاج إلى مزيد من الحوارات بقلوب حامية ورؤوس باردة، وذلك من أجل المصلحة العليا لسورية، ومن أجل وحدة شعبها وسيادتها، وعدم إيجاد موطئ قدم للإرهابيين، وعدم السماح لأي تدخل خارجي بشؤونها الداخلية،  كما أنه من جهة ثانية، لا يمكننا إطلاق حكم نهائي أو تقويم شامل ينتج عنه نجاح كامل أو فشل كامل للقاء موسكو1.

وفي الوقت الذي تجري فيه موسكو الاتصالات مع شخصيات من المعارضات في داخل سورية وخارجها، وبعد أن تحقق اللقاء في منتدى موسكو، ازدادت شراسة الجماعات المسلحة. وفتحت مجاميع الإرهابيين وما يسمى (بالفيالق) ثلاث جبهات في (القنيطرة وحوران والزبداني). وكانت عمَّان المركز الرئيس للتنسيق الاستخباراتي (الإسرائيلي – الأمريكي – السعودي)، الذي يغذي المسلحين بالعناصر التي تستكمل تدريباتها ثمَّ تعبر إلى حوران.

ولم تسر المناقشات بين الوفود المشاركة في منتدى موسكو في خط مستقيم، ولم تكن دون عقبات وتعرجات وتوقفات ومراجعات، وإعادة قراءة ما جرى خلال السنوات الأربع. فقد كانت تجري رغم انخفاض حرارة موسكو إلى عشر درجات تحت الصفر، حالة من التصعيد أحياناً، وفي أحايين أخرى تعود الأصوات إلى حرارتها الطبيعية وهدوئها، فبعض المعارضين وافقوا على المبادئ المتفق عليها والتي أطلقوا عليها (مبادئ موسكو)، وآخرون رفضوها.

وفي نهاية اللقاء تمَّت الموافقة على عشرة مبادئ هي:

أولاً- الحفاظ على سيادة الدولة ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها.

ثانياً- مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتجلياته.

ثالثاً: تسوية الأزمة في سورية بالوسائل السياسية السلمية على أساس بيان جنيف1.

رابعاً- تقرير مستقبل سورية على أساس التعبير الحر الديمقراطي عن إرادة الشعب السوري.

خامساً- رفض أي تدخل خارجي.

سادساً- الحفاظ على الجيش والقوات المسلحة كرمز للوحدة الوطنية وعلى مؤسسات الدولة وتطويرها.

سابعاً- سيادة القانون واحترام مبدأ المواطنة وتساوي المواطنين أمام القانون.

ثامناً- عدم قبول أي وجود مسلح أجنبي على الأراضي السورية من دون موافقة حكومتها.

تاسعاً- رفع العقوبات عن سورية.

عاشراً- إنهاء احتلال الجولان.

وهذه المبادئ العشرة تحمل عنواناً أكثر تفاؤلاً في تحريك العملية السلمية ومتابعة مناقشتها في موسكو2 في موعد قادم سيحدد تاريخه لاحقاً.

العدد 1105 - 01/5/2024