التلوّث… خطر يهدد الأرض ومواردها

تتعدد أنواع التلوّث الذي تُعاني منه مختلف المجتمعات البشرية، وأكثر ما يتضح هذا البلاء في المجتمعات النامية والمتخلفة، بسبب نقص الموارد والخدمات من جهة، وانعدام الثقافة البيئية التي من يفترض أن يكتسبها المرء للحفاظ على محيطه نظيفاً خالياً من كل ما يمكنه أن يؤذي الصحة العامة للإنسان أو النبات أو الحيوان من جهة أخرى.

غير أن الدول الصناعية الكبرى المتحضّرة، تتسبب بتلوّث آخر مختلف عمّا هو في الدول النامية، نتيجة تقدمها في مختلف ميادين الصناعة التي تُشكّل مخلّفاتها تلوّثاً أكثر خطورة على المدى البعيد، كالاحتباس الحراري الناجم عن زيادة انبعاث غازات الدفيئة، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض عن معدلاتها الطبيعية، الذي بدأت أخطاره تتجلى بذوبان جبال الجليد في القطبين، إضافة إلى اتساع رقعة ثقب الأوزون الناتج عن انبعاث مخلّفات الصناعات الثقيلة والتجارب النووية في العالم الغربي وأمريكا، طبقة الأوزون مهمة لجميع الكائنات الحية، فهي تمنع وصول موجات الأشعة فوق بنفسجية القصيرة بتركيز كبير إلى الأرض.

لذا، فقد تنادى أنصار البيئة في العالم منذ عقود وعقود، للتقليل من آثار التلوّث المختلفة التي باتت خطراً حقيقياً يُهدد الحياة على سطح الأرض، وقد انعقدت العديد من المؤتمرات الدولية من أجل وضع اتفاقيات دولية تُلزم هذه الدول، وفق معايير عالمية، بخفض نسب التلوّث التي تُهدد جديّاً ليس فقط جميع الكائنات الحية على سطح الأرض، وإنما ستؤثّر لاحقاً على كمية المياه ونوعيتها أيضاً.

ولا يخفى على أحد مدى التلوّث الذي تُحدثه الحروب عادة في كل مكان، وهذا ما نُعايشه اليوم في سورية، التي حازت مناطقها أنواع التلوّث كافة، ما أدى ويؤدي لاحقاً إلى تخريب التربة الزراعية والمياه الجوفية والسطحية، دون إغفال الحرائق الكبيرة التي تعرّضت لها الغابات البكر سواء في الساحل أو الداخل، ومثلها حرائق حقول النفط واستخراجه بطريقة بدائية أدت إلى أضرار كبيرة وخطيرة ولأجيال لاحقة على الصحة العامة لملايين السوريين لاسيما في مناطق القتال أو القريبة منها.

وانطلاقاً من كل هذا، يتضح أن العدو الأكبر للبيئة والحياة هو توحش الإنسان الذي لا يُقيم وزناً إلاّ لمصالحه وأنانيته الطاغية فقط من أجل الربح المادي ولو على حساب أرواح البشر جميعهم.

العدد 1105 - 01/5/2024