وعز الشرق أوله دمشق الجلاء الجديد

منذ أن وطأت أقدام المستعمر الفرنسي التراب السوري الناهض، هبّ الشعب في سورية للدفاع عن تراب وطنه، الذي يضم رفات أجداده، وكانت وقفة يوسف العظمة التاريخية واستشهاده درساً في مقاومة الاحتلال وفي الكرامة الوطنية.

لم يترك الشعب في سورية وسيلة نضالية إلا واستخدمها في مقارعة الغزو الفرنسي لبلاده، من الاحتجاج إلى التظاهر إلى الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش، هذه الثورة التي مهدت لها حركات وتمردات في كل المحافظات السورية، صالح العلي في اللاذقية، إبراهيم هنانو في جبل الزاوية، أحمد مريود في غوطة دمشق، محمد الأشمر في دمشق، وفي معظم المحافظات من القامشلي إلى القنيطرة.

كانت ذروة الهمجية الفرنسية في قصف مدينة دمشق بالطائرات والمدفعية، واغتيال أول تجربة برلمانية، بقصف البرلمان، هذه الوحشية التي تجددت بمساهمة فرنسا بالعدوان الثلاثي بالصواريخ الحديثة على مواقع في الأراضي السورية، بهدف كسر صمود الدولة السورية.

التاريخ لا يعيد نفسه، فكل يوم تشرق الشمس على عالم متغير، لكن أهداف المستعمرين القدماء والجدد هي واحدة، كسر إرادة الشعوب في المقاومة وإخضاعها لإملاءات ومصالح الدول المتغطرسة المتباهية بقوة أساطيلها وفاعلية أسلحتها الفتاكة.

كما أن إرادة الشعب السوري لم تهزم أمام جحافل وقوات الفرنسيين في القديم، وقاومتها بكل بسالة وشجاعة، كذلك هو اليوم إصرار الشعب السوري على المواجهة وتحقيق النصر النهائي على الإرهابيين سلاحاً وفكراً، لا يقل مضاء وتصميماً عما فعله أجدادهم في ميسلون والمزرعة وغيرها من معارك الشرف والكرامة الوطنية.

هزيمة العدوان الثلاثي الأخير، ليست نهاية المطاف في المواجهة، فمازالت النوايا العدوانية مخفية وبادية، لكن الدولة السورية بوحدة الأرض، وتماسك النسيج الاجتماعي، وقوة المؤسسات، كل ذلك كفيل بدحر العدوان أياً كان شكله، فجبهة المقاومة المشكلة نواتها الأساسية من الجيش العربي السوري الباسل المدافع الأمين عن الوطن والضامن الأساسي للوحدة الوطنية، قادرون على كسر العدوان واستكمال مهام مكافحة الإرهاب وتحرير التراب السوري من رجس المعتدين على حقوق الشعب في اختيار شكل ومحتوى النظام الذي يريده، دون أية إملاءات خارجية وعنجهية تتبدى واضحة في محاولة تصدير الأزمات الداخلية للبلدان المعتدية. فاستخدام القوة المفرطة من دول العدوان، ليست إلا مظهراً من مظاهر الضعف.

الشعب السوري الذي وقف على أسطحة المنازل فجر السبت 14/4/2018، ليشاهد بأم عينيه كيف تهاوت صواريخهم، تهاوي الفراش على النار، الشعب هو نفسه الذي خرج في اليوم نفسه إلى ساحة الأمويين، بما لها من دلالة رمزية ليقول لا للعدوان، ونعم للصمود والمواجهة، إلى أن يتحقق النصر الناجز بطرد آخر جندي محتل من الأراضي السورية الطاهرة.

المعركة مستمرة بأشكال مختلفة، ولكن النتيجة واحدة، النصر للشعوب المقاومة، والتحرير لكافة أراضينا المحتلة، لتمكين القيادة السياسية في سورية من استكمال مهامها في مواجهة الفكر الإرهابي الظلامي وهزيمته سياسياً وثقافياً بعد أن كسرت شوكته عسكرياً.

النصر للشعب السوري، والخلود لشهداء الجلاء!

العدد 1107 - 22/5/2024